وقد ضرب
السبكي لهذه الآفة عدة أمثلة اخترنا منها قوله: (وأمثلة هذا تكثر وهذا شيخنا الذهبي رحمه الله من هذا القبيل له
علم وديانة وعنده على أهل السنة تحمل مفرط فلا يجوز أن يعتمد عليه ونقلت من خط الحافظ
صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي رحمه الله ما نصه الشيخ الحافظ شمس الدين الذهبي
لا أشك في دينه وورعه وتحريه فيما يقوله الناس ولكنه غلب عليه مذهب الإثبات ومنافرة
التأويل والغفلة عن التنزيه حتى أثر ذلك في طبعه انحرافا شديدا عن أهل التنزيه وميلا قويا
إلى أهل الإثبات فإذا ترجم واحدا
منهم يطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن ويبالغ في وصفه ويتغافل عن غلطاته ويتأول
له ما أمكن وإذا ذكر أحدا من
الطرف الآخر كإمام الحرمين والغزالي ونحوهما لا يبالغ في وصفه ويكثر من قول من طعن فيه ويعيد ذلك ويبديه ويعتقده دينا وهو لا يشعر ويعرض
عن محاسنهم الطافحة فلا يستوعبها وإذا ظفر لأحد منهم بغلطة ذكرها وكذلك فعله في أهل عصرنا إذا لم يقدر على أحد منهم
بتصريح يقول في ترجمته والله يصلحه ونحو ذلك وسببه المخالفة في العقائد ــ انتهى ــ والحال في حق شيخنا الذهبي أزيد
مما وصف وهو شيخنا ومعلمنا غير أن الحق أحق أن يتبع وقد وصل من التعصب المفرط إلى حد يسخر
منه وأنا أخشى عليه يوم القيامة من غالب علماء المسلمين وأئمتهم الذين حملوا لنا الشريعة
النبوية فإن غالبهم أشاعرة وهو إذا وقع بأشعري لا يبقي ولا يذر والذي أعتقده أنهم خصماؤه
يوم القيامة عند من لعل أدناهم
عنده أوجه منه...)([541]).
وقال
الصنعائي بعد نقل جزء من الكلام السابق للسبكي حول شيخه الذهبي ما نصه: (قلت لا يخفى
أن الصلاح العلائي وابن السبكي شافعيان حادان أشعريان وأن الذهبي إمام كبير الشأن حنبلي
الاعتقاد شافعي الفروع وبين هاتين الطائفتين الحنابلة والأشعرية في العقائد في الصفات
وغيرها تنافر كلي فلا يقبلان
عليه بعين ما قالاه فيه... وأقول