ولا ريب أن
تلك المواكب المحزنة وتمثيل هاتيك الفاجعة المشجية من أعظم شعائر الفرقة الجعفرية
(شيّد الله أركانها).
ونحن إذا
لم نقل باستحبابها ورجحانها، لوفور الأدلة من الأخبار والأحاديث المتظافرة المشعرة
بمحبوبية تلك المظاهرات لأهل البيت عليهم السلام، فلا أقل من القول بالجواز
والإباحة، وما يتداول ويستعمل فيها من ضرب الطبول ونحوه غير معلوم إدراجه فيما علم
حرمته من آلات اللهو والطرب.
نعم لو
عُلم كونها منها فاللازم تنزيه تلك الأعمال الشريفة مما يشينها ويحبط أجرها وفضلها
الجسيم.
وما أحسب التعرض للسؤال عن تلك الأعمال التي استمرت السيرة عليها منذ مئات
من السنين، وذلك بمشاهدة أعاظم العلماء لها، وصلحاء أهل الدين، مع عدم النكير من
واحد منهم، لا حديثا ولا قديما، مع أنها بمرئ منهم ومسمع، ما أحسب وضعها في مجال
السؤال والتشكيك إلا دسيسة أموية، أو نزعة وهابية، يريدون أن يتوصّلوا بذلك إلى
إطفاء ذلك النور الذي أبى الله إلا أن يتمه ولو كره الكافرون.
كما أني لا
أرتاب في أنه لو تمت لهم هذه الحيلة، ونجحت - لا سمح الله - هذه الوسيلة، وعطلت
تلك المواكب والمراسيم في سنتين أو ثلاث سرى الداء، واستفحل الخطب، وترقوا إلى
السؤال والتشكيك فيما يقال في بلاد الشيعة من المآتم، وجعلوا ذلك باباً إلى إماتة
تلك المحافل والمحاشد، التي بإحيائها إحياء الدين، وبإماتتها إماتة ذكر الأئمة
الطاهرين (سلام الله عليهم).