جرت عادة الشيعة
الإمامية باتخاذها لإقامة العزاء والبكاء والإبكاء منذ قرون، وإن تضمّنت لبس
الرجال ملابس النساء على الأقوى، فإنا وإن كنا مستشكلين سابقاً في جوازه، وقيدنا
جواز التشبيه - في الفتوى الصادرة عنا قبل أربع سنوات - بخلوّه، عن ذلك، لكنا
راجعنا المسألة ثانياً، واتضح عندنا أن المحرم من تشبيه الرجل بالمرأة هو ما كان
خروجاً عن زي الرجال رأساً، وأخذاً بزيّ النساء، دون ما إذا تلبس بملابسها مقداراً
من الزمان بلا تبديل لزيّه، كما هو الحال في هذه التشبيهات، وقد استدركنا ذلك
أخيراً في حواشينا على (العروة الوثقى).
نعم يلزم
تنزيهها عن المحرمات الشرعية، وإن كانت على فرض وقوعها لا تسري حرمتها إلى
التشبيه، كما تقدم.
الرابعة:
الدمام المستعمل في هذه المواكب مما لا يتحقق لنا إلى الآن حقيقته، فإن كان مورد
استعماله هو إقامة العزاء، وعند طلب الاجتماع، وتنبيه الرّكب على الركوب، وفي
الهوسات العربية، ولا يستعمل فيما يطلب فيه اللهو والسرور - كما هو المعروف عندنا
في النجف الأشرف - فالظاهر جوازه. والله العالم. انتهى بنصه حرفياً.
أما ما يقع
في كربلاء أيام شريف العلماء أستاذ العلامة الأنصاري، ثم في أيام الفاضل الأردگاني
والشيخ زين العابدين المازندراني، وفي الكاظمية أيام العلامة الأورع أبي ذر زمانه
الشيخ محمد حسن آل يس، بل حتى أيام السيد محسن الأعرجي الكاظمي، وفي الحلة منذ عهد
العلامة الذي قل أن يأتي له الدهر بنظير السيد مهدي القزويني إلى الآن، فإني لا
أطيل بذكره، لأنه يوجب الخروج عن وضع الرسالة.
والتمثيل
وإن لم يقع في الحلة حتى الآن على ما أظن، لكن المواكب اللاطمة في الطرقات ليلاً
ونهاراً، مع دوام المقاتلة والمضاربة بين أهل المحلات المتنافرة فيها، مما ليس
لأحد إنكارها، ولم يكن السيد مهدي المذكور ولا أحد من أبنائه المحترمين منكراً
لعمل، ومحرّماً خروج موكب حتى اليوم، على أن أهل البلدة ومَن حولها أطوع لهم من
الظل لذي الظل.
أترى السيد
مهدي القزويني المذكور أوكل الإنكار إلى سميّه البصري، فقام يفتي ويحكم، وهو وكلّ
أحدٍ يعلم إنّ تعرّض غير أهل الفتوى