من الدم - لا يضر بالصحة - لا دليل على حرمته([75]).
قوله: (ولو
قطعنا النظر عن هذه الجهة (وهي نزف الدم) فهو فعل همجي وحشي: مثل الضرب بالسلاسل
من الحديد).
أقول: إذا
قطع النظر عن تلك الجهة التي هي علة التحريم، فكونه فعلاً همجياً لا يفي بالحكم
المقصود - لو يعلم، إلا أن يدلّ البرهان على أن كل عبث وفعل لا ترتكبه العقلاء
لهمجيته هو محرم([76])،
وأنّى لأحد بإثباته، على أن عدّه فعلاً همجيّاً وحشيّاً إنما هو بنظر من لم يعرف
حكمته، ولم يطّلع على المقصود منه، وإلا فضرب الصدور بالأيدي في الدور والبيوت
يعدّه غير العارف برموزه وأسراره ضرباً من التوحش والهمجية، مع أنه عند الجميع من
الأمور المستحسنة المرضيّة.
أقول: وأنا
استسلف العذر عن حزازة القدح اللساني الظاهري فقط بأعظم شعائر الله وحرماته
(الحج).. .
ليس الحج
إلا طواف حول بيته، وسعي وهرولة بين رابيتين، ووقوف على جبل، وهبوط في وادٍ، ورمي
أحجار على أحجار، في هيئة مقرحة، من كشف الرؤوس لحر الشمس، وتوفير الشعر، وعري
البدن إلا عن نحو إزار ورداء.
لا شك أن
غير العارف برموزها وحِكَمها وأسرارها يستهزئ بها، ويعدّها ضرباً من الجنون
والتوحش، وفعلاً من أظهر أفعال الهمجية.
أفهل يصلح للعارف برموزه وحِكَمه أن يمنع منه لمجرّد
عدّه عند الجاهل همجيّاً؟! ولقد وقع الاستهزاء جهاراً لتلك المناسك العالية
الأسرار،