مثله تلطم الخدود)([62])،
ولقول الرضا عليه السلام للريان بن شبيب: (إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى
فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا)([63])،
وقول علي عليه السلام في حديث الأربعمائة: (إن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الأرض
فاختارنا، واختار لنا شيعة ينصروننا، ويفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويبذلون
أموالهم وأنفسهم فينا، أولئك منّا وإلينا) الحديث([64]).
قلت: وقد يراد بالنصرة في هذا الخبر وغيره ما يشمل اللطم
باليد والسلاسل ونحوه، وإذا كان صاحب (الخصائص الحسينية) يعد البكاء على الحسين
عليه السلام نصرة له، مدّعياً أن النصرة في كلّ وقت يحسبها، فاللطم في الشوارع
أولى أن يعدّ نصرة وبذلاً للنفس في سبيل أئمة الهدى. ولا ينبغي الريب أن هذا
التذكار بحدوده المرموزة ثمّة من مظاهر المودة في القربى، التي هي أجر الرسالة،
قال الله تعالى:
ولا شك([65])
أحد من عرفاء الجعفرية أن لدم الصدور لمصاب سيد الشهداء عليه السلام من الشعائر
المذهبية، وهذا ما لا ينكره صاحب المقالة قطعاً، ولا ريب أن خروج مواكب الرجال
لادمةً صدورها وهي بتلك الهيئات المحزنة أدخل في تعظيم تلك الشعائر من اللطم في
المآتم والدور.
وعسى أن يكون صاحب المقالة لا ينكر هذا كله، وإنما ينكر
على الجعفرية خروج المواكب، لما يترتب عليه من بعض المحرمات.
قال في
الصفحة (8) ما ملخصه، بإصلاح مني للتعبير: (وأما لطم الصدور فلم أمنع منه ما يكون
في المآتم، وإنما منعتُ علناً من خروج مواكب اللطم في الأزقة، لما بلغني من ترتّب
بعض المحرمات على ذلك، من فتنة وفساد ومضاربة ومقاتلة عندما يلتقي أهل محلّتين،
بحيث يحصل من جرّاء ذلك جرح وقتل، إلى غير ذلك).