نام کتاب : موجز السيرة النبوية نویسنده : نبيل الحسنيّ العطار جلد : 1 صفحه : 219
فنزل رسول الله بالمكان الّذي ذكرنا ونزل
المسلمون حوله وكان يوماً شديد الحرّ فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
بدوحات هناك فقمَّ ما تحتها وأمر بجمع الرّحال في ذلك المكان ووضع بعضها على بعض،
ثمَّ أمر مناديه فنادى بالنّاس الصّلاة جامعة، فاجتمعوا إليه وإنَّ أكثرهم ليلفّ
رداءه على قدميه من شدَّة الرَّمضاء فصعد صلى الله عليه وآله وسلم على تلك الرّحال
حتّى صار في ذروتها ودعا عليّاً عليه السلام فرقي معه حتّى قام عن يمينه، ثمَّ خطب
النّاس فحمد الله وأثنى عليه ووعظ ونعى إلى الأمّة نفسه فقال:
إنّي دعيت ويوشك
أن أُجيب وقد حان مني خفوقٌ([542]) من بين أظهركم وإنّي مخلّفٌ فيكم ما إن
تمسّكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ
الحوض([543]).
ثمَّ نادى
بأعلى صوته:
ألست أولى بكم
منكم بأنفسكم؟
فقالوا:
اللّهمّ بلى، فقال لهم على النسق وقد أخذ بضبعي([544]) عليّ فرفعهما حتى رُئي بياض إبطيهما وقال:
فمن كنت مولاه
فهذا عليٌّ مولاه، اللّهمَّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من
خذله([545]).
ثمَّ نزل
وكان وقت الظهيرة ثمَّ صلّى ركعتين ثمَّ زالت الشمس فأذّن مؤذّنه لصلاة الظّهر
فصلّى بالناس وجلس في خيمته وأمر عليّاً أن يجلس بخيمة له بإزائه، ثمَّ أمر
المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً يهنّوه بالإمامة ويسلّمون عليه بإمرة المؤمنين،
ففعل الناس ذلك اليوم كلّهم ثمَّ أمر أزواجه وجميع نساء المؤمنين معه أن يدخلن
ويسلّمن عليه بإمرة
[542]
خفق النجم خفوقاً: غاب. يريد صلى الله عليه وآله وسلم الإنذار بموته.
[543]
حديث الثقلين: انظر: كمال الدين للشيخ الصدوق: ص235. مسند أبي الجعد: ص397. مسند
أبي يعلى الموصلي: ج2، ص298.