فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

«بلى، إني رسول الله ونبيه، بعثني لأبلغ رسالته، وأدعوك إلى الله بالحق، فوالله إنه للحق أدعوك يا أبا بكر، إلى الله وحده لا شريك له، ولا تعبد غيره، والموالاة على طاعة أهل طاعته»([129]).

ومن المعلوم عند جميع من قرأ سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلمأن قريشاً لم تتعرض للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا بعد أن عاب عليهم عبادتهم للآلهة، كما روى ابن إسحاق قائلاً: ثم دخل الناس في الإسلام إرسالاً من الرجال والنساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به ثم إن الله عز وجل أمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصدع بما جاءه وأن ينادي في الناس بأمره ويدعو إليه ــ أي نزول قوله تعالى ــ:

(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ)([130]) (أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) ([131]).

ــ إلى أن يقول ــ: فلما بدأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قومه بالإسلام وصدع به كما أمره الله «لم يبعد منه قومه، ولم يردوا عليه، حتى ذكر آلهتهم وعابها، فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه وأجمعوا خلافه وعداوته صلى الله عليه وآله وسلم»([132]).

وهذا القول لا خلاف فيه من ان قريشاً لم تتعرض للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ بعد أن عاب عليهم آلهتهم وسفه أحلامهم وقول أبي بكر: «أحق ما تقول قريشٌ يا محمد من تركك آلهتنا، وتسفيهك عقولنا، وتكفيرك آباءنا»؟ يدل على أنه كان يعبد الأصنام، موقناً بما تؤمن به

[129] السيرة لابن إسحاق: ج 2، ص 120. تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج 30، ص 35. البداية والنهاية لابن كثير: ج 3، ص37.

[130] سورة الحجر، الآية: 94.

[131] سورة الشعراء، الآية: 214.

[132] السيرة النبوية لابن هشام: ج 1، ص 282. عيون الأثر لابن سيد الناس: ج 1، ص 131. سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي: ج 2، ص 326.