رأينا أن ندرس
ــ ولو إجمالاً ــ أثر هذه الديانات السماوية في المجتمع العربي ولاسيما المكي، ثم
نعرج أيضا على غيرها من العبادات التي نالت حيزاً لا يستهان به من عقلية الإنسان العربي
قبل الإسلام، لنصل في النهاية إلى مكونات عبادة الأصنام ونفوذها الكبير في المجتمع
العربي.
والتي اتضح
أنها ترتكز على خليط من انحرافات فكرية أوجدتها بعض الشخصيات التي فهمت هذه
الديانات فهما خاصا بها، وعملت على إثبات هذا الفهم في أذهان الناس لتتوالى هذه
الإفرازات الذهنية، متخذة سبيل الانحراف عن التوحيد السبيل الوحيد الذي تتعبد به
ذواتها وأفكارها الخاصة.
المسألة
الأولى: الرمزيّة ودورها في تكوين عبادة الأصنام
أولاً:
حاجة الإنسان إلى الاعتقاد
لو رجعنا
بالبحث إلى المجتمعات البشرية البدائية قبل ظهور الحضارات في وادي الرافدين أو قرب
النيل أو في روما أو الصين لوجدنا أن هذه المجتمعات البشرية البدائية حينما نشأ
لديها الاعتقاد بشيء ما إنما كان هذا الاعتقاد يرجع إلى ظواهر خاصة في حياته
اليومية والتي عجز عن فهمها، ومن ثمّ عجز عن التعامل معها، ولذا انصاع إلى التذلل
لها وإرضائها سعياً منه لنيل حياة مطمئنة وكريمة.
فكانت هذه المعتقدات لها أسس في ظهورها في حياة الإنسان
وهي:
1 ـ الخوف
يعد الخوف من أهم مصادر المعتقدات البدائية، (وقد قال:
(لوكراس) إن الخوف يخلق الآلهة، وبخاصة الخوف من الموت، والخوف من الطبيعة، حيث
كان الإنسان البدائي محاطا بالمخاطر الطبيعية، ولم يستطع أن يتصور بأن الموت ظاهرة
طبيعية عند البعض وطبيعية بأمر الله عند البعض الآخر، لكن الإنسان البدائي عزاه إلى
فعل الكائنات الخارقة للطبيعة.