وأما أنتم، أهل بغداد، الذين تُعنى الحكومة البريطانية بازدهار أعمالكم، وتهتم بتجارتكم وبتحرّركم من الظلم والاعتداء الخارجي، فلا ينبغي أن يتبادر إلى أذهانكم أنّ الحكومة البريطانية ترغب في أن تفرض عليكم أنظمة ومؤسسات غريبة لا ترضون عنها. بل الأمر على نقيض هذا فإن الحكومة البريطانية تأمل في أن تتحقق يوماً الأماني والآمال التي كان يحلم بها مفكّروكم وأدباؤكم. وسيزهو أهل بغداد وسينعمون بثرواتهم وأموالهم في ظل أنظمة ومؤسسات منبثقة من شريعتكم المقدّسة، ومنسجمة مع سجاياكم وخصائصكم القومية. إن عرب الحجاز قد طردوا الأتراك والألمان الذين ظلموهم وأعلنوا الشريف حسين ملكاً عليهم، ولهذا أن جلالته الآن يحكم البلاد حُرّاً مستقلاً، وقد انضم إلى صفوف الأمم التي تحارب الأتراك والألمان. وهكذا فعل أشراف العرب ونبلاؤهم في نجد والكويتوالعسير.

عديدون هم العرب الأشراف النبلاء الذين استشهدوا في سبيل الحرية على يد الحكّام الأتراك الغرباء الذين أذاقوهم من الظلم والبلاء ألواناً. وقد وطّدت حكومة بريطانيا العظمى، بالتعاون مع الدول العظمى من حلفائها. العزم على أن استشهاد العرب النبلاء الذين ضحّوا بحياتهم لن يذهب عبثاً. إن الشعب الإنكليزي وشعوب الدول المتحالفة معه ترغب وتأمل في أن تنهض الأمة العربية النبيلة، وتعود إلى سالف عزّها ومجدها أمةً عظيمةً بين أمم الأرض، وأن تتحد في سبيل تحقيق هذا الهدفالنبيل.

يا أهل بغداد، تذكّروا أنكم قاسيتم العذاب والظلم طوال ستة وعشرين جيلاً في ظل حكم طُغاة غرباء كان دأبهم تحريض قومٍ منكم على قوم وإثارة عشيرة ضد عشيرة كي يجنوا الخير من انقساماتكم. ولذا فإني مُخوّل أن أدعوكم، بواسطة شيوخكم وإشرافكم وممثّليكم، إلى الاشتراك في تصريف شؤونكم المدنية بالتعاون مع الممثلين السياسيين لحكومة بريطانيا العظمى الذين أُتبعوا بالجيش البريطاني، فاتحدوا بإخوان لكم في الشمال والشرق والجنوب والغرب كي تحققوا الأماني الجسام التي تحلُم بها أمتكمالعظيمة.

ف.س.مود

القائد العام للقوات البريطانية في العراق

صدر عن مركز القيادة في بغداد، في 19 آذار 1917 الموافق 24 جمادى الأولى سنة 1335هجرية.

* * *