العملي
بعد الاستلام، وكأنه قد وصل إلى مقصوده وهدفه النهائي، بينما المفروض أن تبدأ
مسؤولياته اتجاه الشعب منذ تسلمه الموقع الإداري والسياسي، منطلقاً نحو تطبيق
الشعارات التي حملته لهذا الموقع، وعليه أن يجتهد بكلّ طاقاته لخدمة الناس.
والمسألة تبلغ قمة التعقيد حينما تتغير القناعات، وهنا تكمن الخطورة ويتطور حبّ
كرسي الرياسة إلى درجة لا يمكن إشباعها إلا بنقلها إلى الوريث، لا لكونه الأكفأ أو
الكفوء في الأداء، وإنما لكونه ابن الزعيمالسياسي.
13- وهنالك مرض آخر قد يستفحل لدى بعض المتصدين
الإسلاميين والوطنيين، وهو تشغيل أنفسهم بأداء معين دون توقف، مهما كان نوع الأداء
وأثره في الحياة، فالمهم لديه أن يقدّم شيئاً يظهر به أمام الأعين في حديث أو
كتاب، من دون حسيب أو رقيب، وهذه الحالة من المؤكد أنها تنمّي روح الأنانية لدى
هذا القيادي، فيرى نفسه دائماً على الحق ويسوّق أداءه مهما كان ساذجاً بطريقة
إعلامية لا ترضي إلاّ البسطاء والمصفقين من حوله، حتى لو كان أداؤه خارج السرب
العام لمسار القضية ولا يدور حول المصلحة المرحلية للأمة، وكأن المسألة لا تخرج من
إطار صراع الإرادات. وهنا تقع الكارثة حينما يخسر هذا القيادي النخب الواعية من
حوله والذين يقومون بدور الصقل لشخصيته ومواهبه، فيصاب بالتسطيح الفكري والمحدودية
في العطاء، بينما من المفروض أن يكون القائد قوياً مبدعاً من خلال جماعته المقتنعة
بأدائه أولاً، ثم يأخذ حقّه الطبيعي في ميزان الأمة، وذلك بمدى ارتكازه على مبدأ
خدمتها والسعي لصلاح ما فسدفيها.
14- إن
التحرك السياسي بقيادة علماء المسلمين الشيعة في تلك الحقبة الزمنية لم يكن طائفياً
إطلاقاً، بالرغم من الظلامات الكثيرة التي لحقت بالشيعة في العهد العثماني
والتضحيات الكبيرة التي قدمها المسلمون الشيعة ضد المحتلين الإنكليز إلى جانب
الجيش العثماني أيضاً. وباختصار كانت الظلامات في العهد التركي ضد الشيعة ترتكز
على الطائفية والقومية والدكتاتورية، ومع ذلك استطاع علماء الشيعة أن يضبطوا
المسيرة في الشارع الشيعي ضمن الحالة الوطنية، وهذا إنجاز إداري يبلغ الذروة في
الأهمية لأنه يؤدي إلى تكريس السلم الأهلي، واحترام حقوق الناس، حيث يعيش
المواطنون باختلاف مكوناتهم وطوائفهم بأمن واستقرار في ظل