إن هذه الإثارة الفكرية والسلوكية من قبل الأعداء تحقق هدفهم المطلوب ضمنمرحلتين:

بالمرحلة الأولى: من المؤكد ستلقى دعوتهم بشعاراتها البراقة آذاناً صاغية من عناصر اجتماعية مستعدة ذاتياً لتطبيق تلك الثقافة المنحرفة والتبشير بها، مستغلة الضعف الإيماني لدى عموم الأمة - وهذا تقصير يتحملّه الإسلاميون الواعون - وبالنتيجة ستشق هذه الشعارات طريقها وتخلق حالة مضطربة ما بين مؤيد ومعارض، وستتطوّع تلك المجموعة لخوض المعركة نيابة عن المستعمرين، وستوضع تحت تصرفهم الإمكانيات المطلوبة من المال والأعلام والغطاء السياسي. وبالمقابل سيندفع الملتزمون لمواجهتهم، وستنشطر الأمة على نفسها، وستستهلك المعركة طاقات الأمة، وكلما اقترب الملتزمون من عتبة الانتصار يمدّ الاستعمار جانبه المتستر خلفه بإمدادات جديدة مادية ومعنوية، وذلك لتستمر المعركة، وبالنتيجة سيتم إبعاد خطر الثورة والمقاومة والمطالبة بالسيادة الوطنية والاستقلال التام، هذه التطورات المتوقعة تشكل تهديداً جدياً لوجودهم كمحتلينللعراق.

وبالمرحلة الثانية: ستنمو بذور تلك الثقافة الهدّامة وتتطور لتشكل ظواهر اجتماعية وتكتلات سياسية، تحوم حول التشكيك بالمبادئ الإسلامية، وتعميق حالة الانحراف السلوكي، وسيجني ثمارها المستعمرون في المستقبل. حيث ستتحول شيئاً فشيئاً إلى حركات فاعلة تكون بمثابة السواعد التنفيذية للمشروع الاستعماري، وسيقف رجالها في مواجهة الشعب نيابةً عنهم، بعدما يصلون ضمن المخطط الاستعماري إلى موقع القرار السياسي وإدارة البلد، أو سيكونون من أطراف الحكومة وفي حمايتها، فمن خلال القرار الحكومي سيتفننون في إنزال أقسى الأساليب الإرهابية، لقمع حركة الأمة ونهضتها الوطنيةالاستقلالية.

فإذا كانت سلطة الاحتلال من خلال حكومة السعدون قد آتخذت أبشع وأظلم قرار ضد حركة الشعب بإبعاد العلماء القادة عن الساحة العراقية، فإنّ قوى الاستعمار في المستقبل ستحقق إرادتها عبر السلطة العراقية بل من قبل رئيس النظام الذي سيبذل قصارى جهده لقمع إرادة الشعب بالحديد والنار والدمار، ويجرأ على إعدام العلماء القادة بدلاً عن إبعادهم، ويحوّل