بآتخاذ موقفه
الثوري المعارض لسلطة الاحتلال والحكومة والملك في العراق، رغم إلحاحه عليهم
وتحذيره إياهم من إبداء الموافقة على العودة المشروطة للعراق، ودعاهم لتجنّب
التوقيع على التعهدات الخطية الملزمة لهم بعدم التدخل في شؤون السياسة العراقية.
والحقيقة إن الشيخ الخالصي كان يعي خطورة هذه التعهدات على الحركة الإسلامية وعموم
المسلمين في ذلك الوقت، وفي المستقبل - أيضاً، لأنها تحمل -ضمناً - استحقاقات
كارثية ستستمر الأمة الإسلامية على دفعها مرغمةً، على شكل فواتير من الضرائب
الدائمة، لا تقف عند تلك المرحلة فحسب، بل تتعداها إلى مراحل مقبلة، وستورث أبناء
العراق الوطنيين تركة ثقيلة من المشقة والعناء، يقول الشيخ جواد الخالصي، حفيد
الإمام الخالصي([1353]):
«لقد كان لقاء العلماء في قم والحوار الذي جرى حول العودة إلى العراق وفق شرائط
فيصل و[سلطة] الاحتلال أو رفض هذه العودة المشروطة، نقطة التحول في قيادة العلماء
لشعب العراق. فإن فريقاً منهم وكان على رأسهم السيد أبو الحسن الاصفهاني والميرزا
حسين النائيني - رحمه الله - قد أبدوا ليونة أمام الطرح الذي قُدّم إليهم للعودة
مقابل إعطاء تعهد شخصي وخطي بعدم تدخلهم في شؤون العراق السياسية. وكان الشيخ
الكبير [الإمام الخالصي] رحمه الله ومعه الشيخ محمد (الوالد) يريان أن هذا التعهد
يشكل نكبة كبرى لجهاد المسلمين في العراق والمنطقة، واستسلام مريع لإرادة العدو،
وتفريط بكل الجهود والدماء المبذولة طوال سنوات المقاومة. [ويضيف] قد جرى الحوار،
وتصاعدت وتائره لأن الشيخ الخالصي كان يصرّ وبعنف، وكانت تأتي ضغوط على الآخرين
لكي يتخلصوا من ضغوطه ويستمروا على هذا القرار.. وبسبب استمرار الخلاف طلب الإمام
الخالصي الكبير، التحكيم عند أيّ عالم بارز يقبله الطرف الآخر، وقد اختاروا الشيخ
الحائري اليزدي. مؤسس حوزة قم، وأستاذ المراجع المتأخرين، وقد حكم الرجل رغم عدم
إشتغاله بالسياسة، لصالح الموقف الذي طرحه الشيخ الخالصي»([1354]).
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، لماذا تخلّى العلماء عن