الخالصي، كانت
بمثابة جسّ النبض لردود الفعل من قبل المعارضة والأمة، وعلى ضوء موقف الأمة من هذه
الاعتقالات، سوف تتحدد سياسة الحكومة، ضد رموز التحرك الإسلامي أي العلماء
الأعلام، فإمّا تستمر الحكومة في عملية الاعتقال، ومن ثمّ التسفير للعلماء الكبار،
أو التراجع عن هذه المغامرة الصعبة، في حالة تصعيد المعارضة من احتجاجاتها إلى
درجة الغليان الشعبي، فحينئذٍ ستفشل الحكومة في سياستها القمعيّة كذلك، ويبدو أن
هذه السياسة كانت آخر الخطوات في مسلسل السياسة البريطانية. وفي حالة كون ردود
الفعل عند الأمة ممكنة الاحتواء فستقابل بالمزيد من العنف، ومن ثمّ سيتمّ ترويض
الساحة العامة بطريقة الترهيب والترغيب لغرض الدخول في عملية الانتخابات
وإنهاءالأزمة.
ومن جانبها
دعت المعارضة الإسلامية إلى الإضرابات العامة ضد تلك الاعتقالات، فأغلقت الأسواق
وعمت الاحتجاجات والتظاهرات منددة بتلك الإجراءات القمعية ضد علماء الدين([1326]).
بينما نصبت الحكومة نفسها، بمنزلة المحامي عن الوطن والمدافع عن الإسلام
والمسلمين، في محاولة منها لتضعيف الدوْر القيادي للعلماء المراجع، وتشويه رؤيتهم
الوطنية، فدفعت الساحة باتجاه الحرب الإعلامية ضد العلماء فنشرت جريدة (العاصمة)
دعوة مكشوفة لمحاربة الأجانب الطارئين على العراق، وطالبت الحكومة بطرد غير
العراقيين وغير العرب بسبب تدخلهم في سياسة العراق الداخلية([1327]).
وتعدّ هذه الحرب الإعلامية مقدمة تمهيدية لتسديد ضربة شديدة ضد العلماء والتحرك
الإسلامي ابتداءً بالشيخ الإمام الخالصي([1328]).
هذا ومنذ أوائل أيار عُيّن (السير هنري دوبس) مندوباً
سامياً في العراق، فقد كان متخوفاً - أيضاً - من الإجراءات العنيفة ضد الإسلاميين
وبالذات العلماء المراجع، إلا أنه ترك الأمر للسعدون، لشدته وتعهده بعدم حصول
اضطرابات أمنية مؤثرة على إجراءات الحكومة، وأبدى إمكانية استيعابها لو حصلت([1329]).