حوالي ستة أشهر([1321]).
حيث صعّدت المعارضة الإسلامية نشاطاتها باتجاه مقاطعة الانتخابات، فتمّ نشر
الفتاوى الشرعية في أوساط الأمة بكثافة، وفي حينها توترت الأوضاع كثيراً، فأصدرت
الحكومة بياناً - شديد اللهجة - في 10 ذي القعدة 1341هـ الموافق 25 حزيران 1923م،
يتضمن تعديلاً في قانون العقوبات ضد المخالفين لسياستها، وكذلك منحت لنفسها الحق
في نفي الأجانب عن العراق في حالة إعاقتهم لمسيرتها ومخالفتهم لسياستها، ومما جاء
في البيان «..ورغماً عمّا بذلته الحكومة من الجهود في هذا الشأن، والسعي المتواصل
إلى صيانة حقوق الشعب لتثبيت أركان الدستور، قام نفر من الدخلاء الذين لا علاقة
لهم بالقضية العربية [!]، ولا تهمهم مصالح الشعب والبلاد الحقيقية. يختلقون
أقوالاً زعموا أنها مستنبطة من الشرائع الدينية، وأنهم لم يقصدوا بذلك إلا الإخلال
بسير الانتخابات، وتضليل الرأي العام بنشرهم الإعلانات وإلصاقها بالجدران، لتأخير
تقدم سير الإدارة نحو النجاح، والوقوف في سبيل الشعب من الوصول إلى السلطة التي له
أن يتمتع بها. وإنّ ما أظهرته الحكومة من الحلم والأناة تجاه هذه الأعمال، قد شجع
هؤلاء الغرباء المتهوسين على التمادي في التضليل حتى إنهم تجاوزوا مؤخراً حرمة
المراقد المقدسة بحركات تخالف الآداب الدينية [!].. إن الحكومة لا يمكنها أن
تتهاون في مثل هذه الأعمال، وستعاقب كل من يتصدى للعبث بحقوق الشعب المشروعة»([1322]).
وكانت نقطة الضعف التي شخّصتها
سلطة الاحتلال وحكومة السعدون في المعارضة الإسلامية، هي أن أغلب المجتهدين
الكبار، المتصدين لقيادة الساحة سياسياً وجهادياً، هم من حملة الجنسية الإيرانية،
«فمنهم من كان من أصل إيراني فعلاً، ومنهم من اتخذ الجنسية الإيرانية في العهد
العثماني تهرباً من التجنيد الإجباري. وقد وجد السعدون في هذا، ثغرة يمكن أن ينفذ
منها إليهم. فكان رأيه إن المجتهدين عجم، وهم إذن غرباء عن العراق، وليس لهم