أما الملك فبعد شفائه شكر (كوكس) على أعماله
ووصفها بالسياسة الحازمة، والتدابير الضرورية، وحينما خيرّ الملك بين الاعتذار عن
مواقفه السابقة، أو الاستقالة عن منصبه فاختار الاعتذار، فكتب إليه في 11 أيلول
1922م الموافق 20 محرم 1341هـ،يقول:
«عزيزي السير برسي، الآن وقد تم شفائي بحمد الله تعالى
وسمح لي أطبائي أن أستأنف أشغالي فـي الدولة، أرى من واجبي، قبل أن أتولى هذه
التبعة أن أقدم إلى فخامتكم تشكراتي القلبية، وأن أعبر لكم عن إعجابي الشديد
للسياسة الحازمة، والتدابير الضرورية التي اتخذها فخامتكم، بصفتكم ممثلاً لحكومة
صاحب الجلالة، لصيانة المصالح العامة، والمحافظة على النظام والأمن، أثناء مرضي
المفاجئ الذي صادف بغتة فـي المدة التي تنقضي عادة بين استقالة الوزارة، وتأليف
وزارة غيرها، وختاماً أكرر تشكراتي الخالصة لفخامتكم على مساعدتكم الثمينة. بغداد
11 أيلول 1922. صديقكم المخلص فيصل»([1261]).
وهكذا
أصبحت الكلمة الأولى ومن دون نقاش للمندوب السامي، فبعد تلك الإجراءات القمعية وما
تبعتها من أجواء إرهابية، وظهور طبقة اجتماعية - سياسية منحازة إلى القوة([1262])،
واصل ضرباته المتتالية للمعارضة الإسلامية ورموزها. إلا أنه وفي سبيل إحكام القبضة
على الملك والحكومة معاً، طلب (كوكس) من الملك فيصل أن يكلف عبد الرحمن الكيلاني
بتشكيل الحكومة للمرة الثالثة، وبالفعل تشكلت الوزارة في 8 صفر 1341هـ - 30 أيلول
1922م، برئاسة النقيب الكيلاني، كما وأسندت وزارة الداخلية إلى عبد المحسن السعدون([1263])،
والمالية إلى ساسون حسقيل، والدفاع