أما الخطوة
الثانية (لكوكس) وهي الأهم، فقد تركزت لضرب التحرك الإسلامي مباشرة، وبدأت هذه
الخطوة من يوم 28 آب 1922، 6 محرم 1341هـ حيث تم توجيه إنذار إلى الإمام الخالصي
وإلى السيد حسن الصدر بإخراج ولديْهما إلى خارج العراق خلال 24 ساعة، وإلاّ ستلحق
الإهانة بهما مباشرة، وبالفعل استجابا لذلك وتم تسفير (المحمديْن) ولديهما إلى
إيران([1259]).
ومما يؤسف له لم يحدث شيئاً مضاداً داخل الساحة العراقية، مؤثراً ومشهوداً، وكان
هذا الإجراء وما تبعه - كما يبدو لنا - (بالون) إختبار لحركة الأمة ومعارضتها
السياسية في حالة إبعاد الخالصي بذاته أو بقية العلماء ورموز الحركة الإسلامية.
ويمكن القول: إنّ هذه الإجراءات الشديدة كانت تعتبر مفاجأة قاسية للإسلاميين
«فوجمت بغداد ساكتة ساكنة تتحمل مضض الصبر والألم، واستمرت حواضر الفرات الأوسط في
صلابتها، فأرسل المعتمد رفاً من القاذفات البريطانية قصفت قبيلة (آل فتلة) في
(المهناوية)، وقبيلة (الأكرع) في (عفك)، وقبيلة (خفاجة) في (الشطرة)، وقبيلة
(العزّة) في (المنصورية)، ووابلاً من القنابل، دمر الأكواخ والمنازل وأحرق الزرع
والضرع، وسبى الأطفال والنساء، فقضى على المعارضة قضاءً ظاهرياً، وتجاوز عن النار
تحت الرماد»([1260]).
وكان
يستهدف من هذه الإجراءات العنيفة إيقاف صوت المعارضة الإسلامية، بتحقيق هدوء نسبي
يمكّن إدارة (كوكس) من تمرير المعاهدة عبر تشكيل المجلس التأسيسي في أجواء
العنفوالإرهاب.