النظام
التربوي الذي حدّد وفرض مبادأه شخص اسمه ساطع الحصري (1880-1968م) وهو الأيدلوجي
القومي الأكثر تأثيراً في ذلك الحين، اعتبر أن المجتمع الشيعي في العراق وطبقته
الدينية يشكل عوائق في طريق حضارة عضوية متجانسة. من موقعه كمدير عام لوزارة
التربية، ساطع الحصري الذي كان عثمانياً متحمساً، طبّق النظام التربوي الذي أعاد
كتابة الكثير من التاريخ الإسلامي وعزا مفخرة المكان لجوهره العربي.. في علم
التاريخ العربي (الصافي) لساطع الحصري وطبقته السياسية، الشيعة والمجتهدون الشيعة
كانوا أناساً ما وراء حدود (الأمة العربية). العراق في نظر ساطع الحصري
والأيديولوجيين الذين يفكرون مثله، كان يشكل نواة كيان عربي أكثر خلافاته يجب
إزالتها، طوائفه المتنوعة يجب اخضاعها. المؤرخ البريطاني (ايلي كيدوري) ،
لـخّص وجهة نظر وعقلية هذه الطبقة السياسية الحاكمة بقوله إن: «موقف الطبقات
الحاكمة نحو السكان الذين كانوا تحت حكمهم كان موقفاً مبنياً على الازدراء
والنفور، كانوا رجال مدينة يحكمون سكان الريف البدائيين، كانوا الحكومة مع ما
تمثله من عظمة رفيعة وقوة لا حدود لها، الآخرون كانوا أشخاصاً تابعين يجب عليهم أن
يكونوا خاضعين للطاعة. مثل شيعي شعبي عبّر عن الشعور المتزايد للحرمان السياسي لدى
الشيعة بالقول: الضرائب والموت هما من نصيب الشيعة، بينما المناصب هي من نصيب
السنة»([979]).
هذا، ونحن
لسنا مع هذا التصنيف العام بين السنة والشيعة، بقدر ما نحن مع التوجه الإسلامي
المعارض للسياسة البريطانية الذي ينشد إقامة دولة الشريعة الإسلامية العادلة،
وإنما نقول إن السياسة البريطانية التي نفّذتها الحكومات المتعاقبة، واصلت عملية
أخذ الثأر من الإسلاميين المعارضين بشكلٍ عام، ومن الذين زلزلوا الأرض تحت أقدام
المحتلين أبطال الثورة العراقية الشاملة - ثورة العشرين - بشكلٍ خاص، ومن الذين
قادوا الثورة بايمانهم الوطني الحر بشكلٍ أخص، مع أن رجال الحكومات العراقية
المتعاقبة يعلمون يقيناً، بأنه لو لا جهاد المجاهدين وعلى رأسهم علماء الدين،
ومواقفهم الوطنية والاستقلالية الصلبة لما وصلوا إلى هذه