ذاته يتعاطون مع الأعداء بروحٍ أخلاقية عالية وبشفافية
سياسية نادرة. أين هذا من اتهامات الأعداء للإسلام والإسلاميين؟ وبالمقابل اتصل
هذا الممثل بمدير شرطة كربلاء محمد أمين، واتفقا على التحصن في السراي الحكومي مع
أفراد الشرطة حتى تصل إليهم النجدة من حكومة الاحتلال في بغداد، وبالفعل تمّ ادخار
الطعام والأرزاق في السراي تحسباً لما سيجري عليهم، وهيئوا أكياس الرمل لحماية
أنفسهم ودوائرهم وكذلك تمّ حفر بئر في السراي لتأمين الحاجة إلى الماء. ومما يذكر
هنا، إن مدير الشرطة وقف مخاطباً بعض الناس المتجمهرين، بأسلوب دبلوماسي مكشوف،
يمنيّهم بوعود معسولة، مما ألهب حناجر الثائرين ضده وهتفوا بهذه الأهزوجة - جواباً
صريحاً لوعوده: «منطيعك، منطيعك يا عبد السوجر منطيعك»([909]).
فدخل الخوف
والاضطراب في قلب الممثل بهادر ومدير الشرطة ومعهما عريف بريطاني، فاضطروا للّجوء
إلى دار أحد وجهاء البلدة القريب من السراي وبعد ذلك تم نقلهم إلى الحامية
البريطانية في المسيب - خارج كربلاء على طريق بغداد - وذلك بمساعدة الشيخ فخري
كموّنه. وفي حينها اقتحم أحرار كربلاء مبنى السراي الحكومي واستولوا على ما فيه من
عتاد وأموال وذلك في 25 تموز 1920م. وفي اليوم التالي اجتمع رؤساء البلدة عند
الإمام الشيرازي في داره وتداولوا أمر تشكيل الحكومة([910]).
وفي هذا
المقطع الزمني المهم برزت الأهمية الإدارية لشؤون البلدة، يقول السيد عبد الرزاق
الحسني: «تألف على الأثر مجلسان: سمي أحدهما (المجلس الحربي الأعلى)
وكاناعضاوه: