بأن المعركة مستمرة ضد
القوات البريطانية ومن يقف معها([872]).
وبالمقابل لم تقف سلطات الاحتلال مكتوفة الأيدي أمام انتشار الفتوى، فلقد
كرست جهودها واستثمرت علاقاتها، في محاولات منها بهدف عرقلة الوحدة العشائرية
وشمولية الثورة، ولكنها بالرغم من أهميتها إلاّ أنها لم تغيّر المسير العام
للثورة، ولنا في محاولات (الكابتن مان) حاكم الشامية، خير شاهد على ذلك([873]).
وكان السبب الرئيس لإفشال هذه المحاولات، بالرغم من مشوقاتها المادية، والوعود
المستقبلية، هو الالتزام الديني، ولنا في اجتماع الشامية خير دليل، حيث وزع
(الكابتن مان) أموالاً على بعض رؤساء العشائر فثبّط عزائمهم باتجاه الثورة وذلك في
13 تموز 1920م - 27 شوال 1338هـ، فأرسل عبادي الحسين رئيس آل فتلة إلى عبد الواحد
الحاج سكر والسيد علوان الياسري يخبرهما بمحاولة (مان)، وعلى أثر ذلك عقد اجتماع
في التاجيّة جنوبي الشامية (أم البعرور)، الشيخ عبد الواحد والسيد علوان ومعظم
عشائر الشامية وحينما احتدم الجدال إثر تزعزع قرار الجهاد والثورة لدى البعض، قال
خادم الغازي من رؤساء بني حسن - بشجاعة-: «إننا تعاهدنا وتحالفنا أمام آية الله
الشيرازي في مرقد الإمام الحسين عليه السلام أن نبذل كل ما في وسعنا في سبيل قضية
بلادنا، وأنْ يكاتف بعضنا البعض ويشد بعضنا أزر الآخر، وأنْ لا يخون أحدنا رفيقه،
وبما أني أرى هذه أول بادرة بدرت للخيانة من بعضنا، فإذا غضّينا النظر عنها فمعنى
ذلك القضاء على قضيتنا أولاً، وعلى نفوسنا وأموالنا وعشائرنا والعروبة ثانياً.
فعليه أن (الكابتن مان) يجب أن يخرج من الشامية من رضاه أو بالقوة، وأنا أول واحد
يحاربه منذ الساعة ان لم يخرج»([874]).