محرم 1337هـ، وانسحاب العثمانيين منها، نشأت
سلطة محلية تحكم البلدة بالأعراف العشائرية، ثم قررت هذه السلطة الانضمام إلى
الحكومة العربية بدمشق، واستجابت الحكومة لهذا الطلب، ولكن لضعف الإدارة وللتقهقر
الاقتصادي اجتمع رؤساء البلدة سراً، ونظموا مضبطة يطالبون فيها سلطات الاحتلال
البريطاني بالانضمام إلى إدارتهم، وبعثوا بها إلى الحاكم السياسي في (عانه)([722])
بالعراق، راجين احتلال بلدتهم، وبالفعل تم ذلك بسهولة. إلاّ أنه تمّ - بعد ذلك -
استرجاع دير الزور في كانون الأول 1919م، بقوة عشائرية نظمها رمضان شلاش الحاكم
العسكري في (الرقة). فأعيدت للحكومة العربيةبدمشق.
وكان لهذا
الاسترجاع، وللغارات على طريق الموصل، الأثر الاستنهاضي الواضح في عموم الرأي
العام العراقي وخصوصاً في الموصل وبغداد والفرات الأوسط. وقد لعبت جريدة (العقاب)
دوراً مهماً في نقل تلك الأخبار([723]).
أما بعد
تتويج الملك فيصل في دمشق في 8 آذار 1920م، 18 جمادى الثانية 1338هـ، تشخص الطريق
أمام العراقيين الموجودين في الشام باتجاه المقاومة المسلحة لتحرير العراق،
وبالفعل تجمع العراقيون في دير الزور، ثم انطلقوا في حملة عسكرية نحو تلعفر([724])،
واستطاعوا الاستيلاء عليها أوائل حزيران 1920م، فانتشرت أخبار هذا الانتصار، ودفع
الحماس بأولئك المنتصرين من أهالي مدينة تلعفر والعشائر المحيطة بها، وبعض
العسكريين من جيش الشريف الذين التحقوا بالمهاجمين، أن يواصلوا زحفهم إلى الموصل،
والجدير بالذكر أن الزعماء الدينيين كان لهم الدور الكبير في استنهاض الناس
والوقوف إلى جانب الثوار، فإذن كانت الدوافع إسلامية هدفها التخلص من المحتلين
الكافرين. كما فعل عالم تلعفر محمد سعيد أفندي ولنا أكثر من شاهد على هذا الرأي،
فمثلاً حينما جاءت الإمدادات البريطانية بالسيارات، كان الثوار يهاجمونها بالخناجر
والمسدسات، وكانت النساء يضربن بالأحجار تلك السيارات، ويصحن «لقد