الأزمة الخانقة،
إلاّ أن الاجتماع انفضّ دون نتيجة([641]).
«ومن حسن
طالع الإنكليز، أنه لم تقم في النجف فئة تستطيع أن توفّق بين هذه التيارات
المختلفة في صفوف النجفيين. إذ أن [ساحة] النجف كانت مسرحاً تلتقي فيها مختلف
الفئات البشرية: الثوار، والمحتكرون، والانهزاميون، والفئات الفقيرة المعدمة،
والمساكين الضعفاء، والجياع. كان لدى النجفيين جميع إمكانيات المقاومة، إنما كان
يعوزهم التعاون، والتعاطف في ما بينهم، وهذا كان سبباً من أسباب رضوخهم آخر الأمر،
واستسلامهم للسلطة»([642]).
ويبدو لنا
إن سرّ النجاح في العمل الجهادي والثوري وفي الساحة الشيعية بالخصوص يكمن في وجود
الارتباط الوثيق بالمرجعية الدينية أولاً، ثم الانسجام الداخلي في صفوف المجاهدين
ثانياً، والدعم العام من الناس المتماسكين حولهم ثالثاً، هذه العوامل الثلاثة ما
كانت متوافرة في ثورة النجف. فالمرجعية غير متصدرّة لها، ومعنى ذلك إن الثورة لا
تمتلك غطاءاً شرعياً، كما أن الانسجام الحركي داخل أعضاء الجمعية غير متوافر أيضاً
بالشكل المطلوب، والأدهى من ذلك عدم التعاون والتماسك بين النجفيين أنفسهم،
ليسندوا الثائرين عموماً، ولعل السبب يعود إلى ضعف الرؤية الجدية لديهم وعدم
إيمانهم بأن هذه الأحداث ستحدّد مصير الأمة. ومن هنا نقول: لا غرابة في النتيجة
الاستسلامية التي وصلت إليها الحالة في النجف. بينما سنلاحظ في ثورة العشرين توافر
هذه العوامل الأساسية الثلاثة بدرجة كبيرة، واختلاف النتائج فيهما، يعدّ أمراً
طبيعيّاً يتبع إختلافالمقدمات.
ومع كل
الذي حدث، تبقى الأحداث المتصاعدة هي سيدة الموقف المعارض للسلطات، «فقد اعترفت
السلطة المحتلة، بأن كربلاء والنجف معاً، بقيتا قبلة مزدوجة للفوران السياسي، الذي
كانت تسهل إثارته برد الفعل للحوادث في أنحاء العراق»([643]).
هذا، وقد
اعتبرت (المس بيل)، أن هذا الحدث قد أوقع الإنكليز في