يرفع عن تاريخ العراق اسم الإسلام والإسلاميين وهذا طموح
الاستعمار، لأن الحركات غير الإسلامية ممكنة الاحتواء - غالباً - من قبل
المستعمرين بشكلٍ أو بآخر، على العكس من الحركات والفعاليات الإسلامية المبدئية
التي لا زالت - حتى اليوم - تعاني من ترويضها واحتوائها دوائر الاستكبار العالمي.
أما بالطريقة الثانية، فهو يثير نوعاً من الحسّاسية الطائفيّة والفتنة المذهبية
وهذا أيضاً طموح الاستعمار في المنطقة.
ويلاحظ على
المؤلف - أيضاً - أنه يعتمد اعتماداً كلياً على تقارير البريطانيين ضد المرجعية
الدينية الشيعية، وخاصة السيد محمد كاظم اليزدي بأنه كان داعماً ومسانداً للمحتلين
البريطانيين، وهو إذْ يؤكد ذلك ولكن من دون إثباتٍ علمي يدعم صحة تلك الادعاءات من
مصادر أخرى. وكأنه يتشفّى بإلصاق التهم بالرموز الدينية والوطنية، بل يعارض أي
كلامٍ يعاكس تصوره، وهذه الظاهرة من الابتلاءات المرَضية القاتلة للمنهج العلمي.
وإلاّ لو كان لبان - كما يقال - في النتائج على الأقل، فلم يتحدث التاريخ عن أية
نتيجة سجلها البريطانيون لصالح المرجع اليزدي أو غيره.. وهكذا نراهُ يتغافل -
عمداً - عن معرفة الأساليب الماكرة للبريطانيين المحتلين في إشاعة هذه الأكاذيب
والتي يقصد منها زعزعة ثقة الناس بالمرجع الأعلى وبالرموز الدينية والوطنية بشكل عام
وبالتالي إسقاط هيبتها في الأوساط العامة لتسهيل عملية السيطرة على العباد
والبلاد. ومن الأمثلة على هذا النوع من المراجع: كتاب الدكتور خالد التميمي، «محمد
جعفر أبو التمّن، دراسة في الزعامة السياسية العراقية»، ترى من خلاله، أنّ المؤلف
يقف إلى جانب الملك فيصل بشكل تام، والسياسة البريطانية أيضاً، بعيداً كل البعد عن
آلام العراقيين وطموحاتهم السياسية، وكأنه من حاشية الملك مرتبط به وبإمتداداته
ارتباطاً وثيقاً، لذلك ينتقد المعارضة ويرمي بالمسؤولية على كاهلها، في الوقت الذي
يعلن براءة الملك عن أية مسؤولية اتجاه الأحداث. لنستمع إليه هو يتحدث عن المعارضة
المتصاعدة بأنها أصبحت: «وجهاً لوجه أمام بريطانيا والملك و(الصفوة) الشريفيّة
مجتمعين. وكلما حاول الملك فيصل الأول الاقتراب من عناصر المعارضة والاستجابة لما
يمكن أداؤه ازدادت المعارضة - وغالبيتهم من الشيعة - في طرح الشعارات المثالية
والمطاليب التعجيزية فيحصل الافتراق. لقد كان ذلك إلى حدٍ كبير نتيجة التربية
العقائدية المثالية التي نشؤا عليها.. كما كان