الوحدة الإسلامية والجامعة الإسلامية تشكّل
محور طموحهم، يقول أحمد أمين: «وليس يقوم
للعالم الإسلامي قائمة إلاّ بهذا التوحيد في العقيدة والعمل، لهذا دعا كثير من
المصلحين إلى الجامعة الإسلامية، ويعنون بها الرابطة التي تربط بين المسلمين في
مختلف الأقطار من فرس وترك وعرب، وقد كانت هذه الكلمة مفزعة لأوروبا في القرن
الماضي.. وإذا كان الأوروبيون يتكتّلون على الباطل لمحق المسلمين فأولى أن يتكتّل
المسلمون على الحق لدفع كارثة الاستعمار، وقد كان أول من نادى بها في العصر
الحديث، السيد جمال الدين الأفغاني، وخَلَفه الشيخ محمد عبده، والسيد عبد الرحمن
الكواكبي..»([276]).
وأمام هذا الاتجاه الإصلاحي كان الغرب ببريقه العلمي قد اجتاز حواجز عديدة
داخل البلاد الإسلامية ونفوس المسلمين، متخذاً من العوامل الاقتصادية والسياسية
أدوات لتغلغله في أوساط المسلمين، يقول الدكتور حسّان حلاّق: «لذلك اعتمد الأفغاني تعاضد المسلمين ووحدتهم واستند على
أسس إسلامية، وعمل على الصعيد السياسي مباشرة ضد النفوذ الأوروبي المتغلغل، إلى
جانب الدعوة الإصلاحية ضد المساوئ الدينية والاجتماعية التي دخلت المجتمعات
الإسلامية»([277]). وهكذا كانت نهضة جمال الدين «فكرية
واجتماعية معاً، (هدفها) إيجاد نهضة وصحوة في أفكار المسلمين ونظم حياتهم»([278]). وذلك عبر مكافحة الدكتاتورية الداخلية
والاستعمار الخارجي معاً، لأنهما «من أهم وأقدم
مشاكل المجتمع الإسلامي»([279]).
إذن،
بالوحدة الإسلامية ونبذ البدع والخرافات الطارئة في أفكار المسلمين، وبالاقتباس من
التقدم العلمي الغربي بروح إسلامية واعية - ترى الحركة الإصلاحية - أن الأمة حين
ذاك تستطيع أن تقاوم الدكتاتورية في الداخل والاستعمار الخارجي بجدارة.
ومما
تقدّم، فقد شهدت الساحة العراقية، انطلاقاً من المدن المهمة: بغداد والنجف وكربلاء
والكاظمية وسامراء، صراعاً بين الاتجاه الإسلامي الإصلاحي، وبين الاتجاه الثقافي
المتأثر بالغرب، حيث بدأت راياته تلوح في الآفاق - في تلك المرحلة - مما نشّط
الاتجاه الإصلاحي للرد على