الرشدية
فكان عددها أربع مدارس في العام ذاته([256]).
ومن المفيد أن نذكر أن الصحف العراقية كجريدة (الرقيب) ومجلة (لغة العرب) وغيرهما،
«كانت تتحسس سوء الأوضاع وتعمل على نقدها بصورة
موضوعية في أكثر الأحيان»([257])، فتشير إلى حالات التخلف والأمية، وقلة
الخدمات الصحية والاجتماعية في العراق، فمثلاً: نشرت (الرقيب) في عددها السابع من
السنة الأولى، مقالاً عن (التربية والتعليم) ورد فيه «أن
من يعرف القراءة والكتابة.. لا يكون إلا بنسبة واحد في المائة على جهة المبالغة،
وإلا فلعله بنسبة عدد من العشائر لا يكون واحداً من ألف..»([258]). وبالنتيجة، إن هذه الأسباب مجتمعة كانت
معرقلة لنمو التيار الثقافي الغربي في العراق. وبمعنى آخر إن أجواء التلقّي
والتأثير بالأفكار المتغربة كانت غير فاعلة في الوسط العراقي «ففي
تلك الحقبة، لم يشهد العراق وجوداً مؤثراً وذا أهمية للاتجاه الثقافي المتغرِّب
باستثناء بعض التعبيرات المحدودة التي مجّدت الثقافة والحضارة الغربيّتين، ودعت
للأخذ بهما، كجمعية (مساعي التقدم) التي أنشأها مسيحيون عراقيون عام 1847م
[1291هـ] فضلاً عن روايات حذرة عن حركة تدعو إلى (الاتحاد والترقي) وعن أفكار تدعو
لاستقلال العرب»([259]).
أما دعوة التغيير الجذري والثورة ضد الواقع، فإنها بقيت
في إطار الطموح للحركيين الإسلاميين لأنها كانت تشكو من الضعف العام في مقوماتها
وأساليبها، ومن هنا يمكن القول أن البذور الأولية لمدرسة التغيير الجذري كانت
بطيئة الاستقرار والنمو في الوسط الاجتماعي، وذلك للظروف الذاتية والموضوعية غير
المواتية لانتعاشها ونموها - آنذاك-، «وقد
شاء الله أن يكون تقدم الأمم وانحطاطها، بشروط طبيعية كشروط تمدد الأشياء
بالحرارة، وانكماشها بالبرودة وانجذابها وفقاً لقانون الجاذبية، والكهربة وفقاً
لقوانين الكهربة، وهكذا فإذا حصلت الأسباب حصلت المسببات»([260]).
إذن ساعدت تلك الظروف العدو الاستعماري - بكل قواه -
ليتربص بالأمة الدوائر، لغرض السيطرة على المسلمين وبلادهم، خصوصاً بعد أن
[256] للتفاصيل، راجع:
الهلالي، عبد الرزاق: تاريخ التعليم في العراق في العهد العثماني، طبع بغداد
1961م، ص153-184.
[257] فياض، د. عبد الله:
الثورة العراقية الكبرى، مرجع سابق،ص85.
[258] جريدة (الرقيب)
البغدادية، العدد 7، السنة الأولى، الصادر بتاريخ 18/ صفر1327هـ،
11/مارس1909م.
[259] الرهيمي، عبد
الحليم، مرجع سابق، ص116. راجع، لونكريك: أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث، طبع
بغداد 1941، ص338. – مترجم -.
[260] أمين، أحمد: فجر الإسلام، الناشر مؤسسة الخانجي. بمصر
تاريخ المقدمة سنة 1952م، ص139.