ما اجتمع فيه تلك
الشرائط ـ أنّه تعالى لا يرى بحاسّة البصر، لأنّ
الرؤية بها ـ أي
بالحاسّة ـ لا تعقل([565])إلّا
مع المقابلة
المقارنة للشرائط المذكورة، وهي ـ أي المقابلة المذكورة ـ لا
تصحّ إلّا في شيئين حاصلين في جهة، وهو الرائي والمرئي، وإذا لم يصحّ الشرط ـ أعني المقابلة ـ لا يصحّ المشروط ـ أعني
الرؤية ـ وهو المطلوب. وأيضاً نقول: لا يعقل من هذه الشرائط في حقّه تعالى إلّا
سلامة الحاسّة, وصحّة الرؤية ـ على زعم الخصم ـ لكون البواقي مختصة بالأجسام،
وهذان الشرطان حاصلان الآن، فوجب حصول رؤيته الآن، لأنّه إذا اجتمعت شرائط الرؤية
في زمان, وجب حصول الرؤية في ذلك الزمان،
وإلّا لجاز أن يكون بحضرتنا جبال شاهقة ونحن لا نراها، وأنّها سفسطة([566]), مع أنّها ـ أي الرؤية
ـ غير حاصلة باعتراف الخصم، والأدلّة العقلية المذكورة لإثبات الرؤية
[566] في حاشية ح: السفسطة لفظ يوناني, معناه إنكار البداهة.
السفسطة: أصل هذا اللفظ في اليونانية (سوفيسما ـ ), وهو مشتق من لفظ (سوفوس ـ )
ومعناه الحكيم والحاذق. والسفسطة عند الفلاسفة هي الحكمة المموهة, وعند المنطقيين
هي القياس المركّب من الوهميات. والغرض منه تغليط الخصم وإسكاته. المعجم الفلسفي
لجميل صليبا:1/658.
وأيضاً: السفسطة مشتقّة من سوفاسطا ومعناه: علم الغلط
والحكمة المموهة لأن سوفا اسم للعلم ووسطا للغلط. شرح المقاصد للتفتازاني:1/223.