جمعت كربلاء في حادثة الطف جميع مكونات الأسرة، ففيها تجد الأب والأم والأولاد ذكوراً وإناثاً، كباراً وصغاراً، وتجد فيها الأخوة والأخوات، والعم والعمة والخال والخالة وأبناء العمومة، وغيرهم ممن تجمعهم رابطة القرابة والعشيرة.

ولو توقفنا مع كل مكون من هذه المكونات الأسرية لوجدنا فيه دروساً عديدة من البناء النشأوي الاجتماعي؛ ولأخذنا منه منهاجاً تربوياً لكل أسرة مسلمة، ولاسيما ونحن اليوم بأمس الحاجة إلى ما يجمع أبناء الأسرة الواحدة بعد أن وردت عليها الثقافات المخالفة للقيم والمبادئ التي نشأت عليها الأسرة المسلمة.

فمع توفر كل سبل الرفاهية في العيش إلا أننا نجد التزاحم فيما بين الأخوة والأخوات وهم ضمن نطاق بيت واحد، فكيف بهم إذا اشتد بهم العسر وضاق بهم العيش وتعسر عليهم استحصال أبسط مستلزمات الحياة؟!. أسيأتلفون، أم تدبُّ الخلافات فيما بينهم أكثر فأكثر؟

ولذلك: لو نظر القائمون على الأسر والراعون لها، آباءً كانوا أم أمهاتٍ إلى كربلاء وما حوته من مشاهد أسرية صحب أصحابها ورعاتها الحسين عليه السلام لأخذوا الدروس والعبر العديدة في آلية التعامل مع أبنائهم وأزواجهم وإخوانهم وأخواتهم وغير ذلك؛ ولتعلموا المناهج المتطورة في التنشئة الاجتماعية والأسرية.

ومن هذه المناهج، هو: التكافؤ بين الزوجين.

فقد قدمت كربلاء أجمل صورة من التكافؤ الفكري والعقائدي والإيماني والجهادي بين زوجين قدما لنصرة ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وهما «عبد الله بن عمير الكلبي من (بني عليم) وكنيته أبو وهب وزوجته أم وهب بنت عبد الله بن النمر بن قاسط».

وكان أبو وهب طويلاً شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين شريفاً