المشهد الثامن: جمال الحيرة في اتباع الحق

من المشاهد الجمالية التي شهدتها عاشوراء هي جمال الحيرة!!، والحيرة هي: اختلاط الأمور على الحائر فلا يدري أيها يقصد؛ «ورجل حائر: إذا لم يتجه إلى شيء، والمستحير: سحاب ثقيل متردد ليس له ريح تسوقه؛ والحائر، تجمع الماء»([202]).

ومنه سمي الحائر الحسيني لتجمع الماء حوله حينما قام المتوكل العباسي بحرث أرض الطف وفتح الماء فيها كي تضيع معالم القبر الشريف إلا ان الله يأبى إلا أن يتم نوره؛ فحار الماء([203])، ووقف مطأطئا برأسه معتذراً من صاحب القبر الشريف.

وفيه يقول ابن السكيت:

بالله إن كانت أمية قد أتت قتل ابن بنت نبيها مظلوما

فلقد أتاه بنو أبيه بمثله هذا لعمرك قبره مهدوما

اسفوا على أن لا يكونوا شاركوا في قتله فتتبعوه رميما( )

ولذلك:

قد يستغرب القارئ من وجود جمال في الحيرة!! ولكنه لو نظر إلى موقف الحر بن يزيد الرياحي عليه السلام فإنه يدرك كم للحيرة من جمال خاطف فيما لو انتهت باتباع الحق. إنه جمال لا يأنس به إلا صاحبه.

هذا الأنس عاشه الحر عندما أخذ ينظر إلى تلك المشاهد في كلا

[202] الصحاح للجوهري: ج7، ص640.

[203] تاريخ الطبري: ج7، ص365. الكامل في التاريخ: ج7، ص55. شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي: ج33، ص735. الأمالي للشيخ الطوسي: ص329. مناقب آل أبي طالب لابن شهر:ج3، ص221.