وقتل معه مائتان وأربعون رجلا منهم من سال دمه في جوف الكعبة([101]).

وبعد هذه الانتهاكات العظيمة لبيت الله، من الهدم، والحرق، وقتل الناس، وصلبهم على الجذوع كيف تبقى له حرمة بين الناس وعلى مختلف معتقداتهم؟!

بل: إن السؤال المطروح في البحث هو: كيف تعاد للبيت حرمته وهيبته بعد الآن؟!

وكيف يمكن دفع الضرر عنه مستقبلاً؟! بل كيف سيعاد بناؤهُ؟!

ولذلك:

فأي منقبة نالها حكيم بن حزام في ولادته في جوف الكعبة حسبما يدعي الذهبي والنووي والبيت بهذه الحالة وبنو أمية لا يرون له حرمة، ومن ثمّ قد ذهبت المناقب بذهاب الحُرم.

المسألة الثالثة: للمناقب مفهوم آخر في الإيديولوجيا الأموية

قد ظهر فيما مرّ من البحث أن الولادة في جوف الكعبة هي منقبة لمن يعتقد بحرمة الكعبة وتعظيمها، فضلاً عن أن (المنقبة) لها ثلاث دلالات وهنّ (تقوائية، ولغوية، وعرفية)، فمتى ما دل المعنى على واحدة من هذه الثلاث عدة لصاحبها منقبة.

لكن في العقيدة الأموية للمنقبة مفهوماً آخر يرتكز على تسقيط الخصم والنيل منه بغض النظر عن ما لهذا الخصم من تقوى أو كرم

[99] صحيح مسلم، باب: ذكر كذاب ثقيف ومبيرها: ج4، ص1971.

[100] الكامل لابن الأثير: ج4، ص357.

[101] الوافي بالوفيات للصفدي: ج17، ص94؛ فوات الوفيات للكتبي: ج1، ص535.