فلما أمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانطلاق عاد العباس بن عبد
المطلب وقال: يا رسول الله إني لا آمن أبا سفيان أن يرتد فرده حتى تريه جنود الله،
فقال صلى الله عليه وآله وسلم:
والرواية تدل على كرامة العباس بن عبد المطلب لدى رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم والأخذ بمشورته وذلك لسنه وموقعه منه ومعرفته برموز قريش وما يصلح
لهم.
ولذلك نجده هو الذي بادر من الأساس إلى أن يرسل إلى أهل مكة من يخبرهم
بخروج النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إليهم ليفتح مكة فجاء عند ذلك أبو
سفيان وحكيم بن حزام لأنهما لو دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفتحها فسيكونان
أول الخاسرين لأنهما من أشهر أصحاب المال والتجارة. لذا قدما على رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم ليأمنا على أموالهما قبل دخول النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
بل، نجد أن أبا سفيان يصرح بذلك لزوجته هند بنت عتبة حينما عاد إلى مكة
وهو يقول من دخل داره فهو آمن (إن أقبلت عليه فأخذت بلحية أبي سفيان ثم نادت يا آل
غالب اقتلوا هذا الشيخ الأحمق، فقال أبو سفيان: فأرسلي لحيتي فاقسم بالله إن أنت
لم تسلمي لتضربن عنقك)([8]).
وليقينه بأنه إن لم يسلم ستضرب عنقه وتذهب أمواله، فقد ذهب إلى النبي صلى
الله عليه وآله وسلم حينما وصله الخبر بالخروج إلى مكة.