نام کتاب : الإمام الحسين بن علي عليهما السلام أنموذج الصبر وشارة الفداء دراسة ومقارنة نویسنده : مهدي حسين التميمي جلد : 1 صفحه : 69
وكمثل ذلك كانت ثورة الإمام الحسين عليه
السلام على الخارجين على منهج الشريعة والمتسلطين على رقاب الناس باسمها، ويذكر
المؤرخ ابن خلدون- الذي عرف عنه تحرجه من الطعن بأي حاكم من حكّام المسلمين- عن
يزيد بن معاوية، والذي امتنع الإمام الحسين عليه السلام عن مبايعته- انه: قد
ظهر الفسق أيام خلافته واختلف الصحابة حينئذ بشأنه، فمنهم من رأى الخروج عليه ونقض
بيعته من أجل ذلك كما فعل الحسين - عليه السلام - وعبد الله بن الزبير ومن اتبعهما
في ذلك ومنهم من أباه لما فيه من إثارة الفتنة وكثرة القتل مع العجز عن الوفاء به،
ولأن شوكة يزيد يومئذ هي عصابة بني أمية وجمهور أهل الحل والعقد من قريش، وتستتبع
عصبة مضر أجمع([18]).
وهكذا فإن الإمام
الحسين عليه السلام قد آثر المرتقى الصعب في مبدأ أسمى في الوقوف ضد الجور
والاستبداد والانحراف عن منهج الشريعة، وفي مواجهة عسيرة وشاقة وغير متكافئة، وقد أضيف
إلى مشهد الفجيعة في الطف ما لم يكن من مثل مشهدها في فجيعة السيد المسيح عليه
السلام، ان الإمام الحسين عليه السلام قد شهد مقتل أولاده واخوته، ونفر من بني
عمومته وخاصة صحابته، ووقف بنفسه على مشهد الترويع لهم بإلجائهم إلى العطش وحصارهم
في زاوية الهلاك، واستتبع ذلك ما كان من التنكيل بجثث القتلى، وسبي النساء، وترويع
الأطفال وتشريدهم وملاحقة من بقي منهم والسعي إلى قتلهم واحدا بعد الآخر، وحمل
رؤوس القتلى على الرماح