حب الحسين عليه السلام

ورد أن أبا الفضل بلغ مشرعة الماء بعد أن اكتسح جموع اليزيديين ــ وبعد أن استشهد جميع أصحاب الحسين عليه السلام ومعظم أهل بيته ــ.

ولا يحيط الخيال بمبلغ العطش الذي كان يكابده أبو الفضل.

ومع ذلك، لمّا بلغ المشرعة، رفع قليلاً من الماء ليشرب، فتوقّف وألقاه من يده وأعرض عن الشرب، ثم حمل كمية من الماء في القربة التي كان يحملها وتوجّه صوب مخيّم الإمام السبط.

أبى أبو الفضل أن يدخل الماء فمه والحسين يعاني العطش.

ويسأل البعض: لِمَ امتنع أبو الفضل من الشرب، مع أنّه لو شرب فإن أداءه القتالي سيكون أفضل بلا ريب وسيؤدي خدمة أكبر إلى الإمام الشهيد وهذا أولى من تركه الشرب، وأيّ أثر نتج عن عدم الشرب؟

إن كرم الذات وعلو الهمة وسموّ الغاية أهم عند النفوس الكبيرة وذوي الملكات الرفيعة من هذا اللون من التفكير.

لقد تقدم منّا ذكر موقف الإمام الوصي عليه السلام من الحلوى حين قدّمت إليه أيام خلافته فبقدر ما في هذا الموقف من تصميم على التأسّي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كل أفعاله ففيه دلالة أيضاً على ما يكنّه الوصي عليه السلام من حبّ متجذّر في روحه للنبي الأكرم الأطهر صلى الله عليه وآله وسلم.

نحن نقيس خلفاء الله في الأرض واتجاههم السلوكي بطريقة