(وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ
فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا
أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ
عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93)
وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ
مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ
الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ
وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) ([132])
إن الإنسان يتعامل مع نوعين من الأمور والموجودات في الدنيا، الأول: مباهج([133])
الحياة وأدواتها التي يتصور أنه يملكها، وأنها توصله إلى طموحاته وأهدافه، والثاني:
الناس الذين يتصورهم شفعاءَ له، فيتصور أنه لا يستطيع بلوغ حاجاته ومرامه، بدون
مساعدة هؤلاء، كالزوجة والأبناء والأقرباء والأصدقاء وكل الذين لهم قوة تأثير في
مجرى الأمور.
لكن الباري عز وجل يشير في الآية (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى... )([134]) بشكل إجمالي إلى بطلان النوعين([135])،
ففي (وَتَرَكْتُمْ مَا
[135]
قال الطباطبائي في الشفعاء: المزاعم التي انضمت إلى حياته من التكثر بالأسباب
والاعتضاد والانتصار بالأموال والأولاد والأزواج والعشائر والجموع، وكذا الاستشفاع
بالأرباب من دون الله المؤدى إلى الإشراك كل ذلك مزاعم وأفكار باطلة لا أثر لها.
وفي تبيين قوله:( وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ
ظُهُورِكُمْ)
سورة الأنعام / 94، بيان لبطلان الأسباب الملهية له عن ربه المتخللة بين أول خلقه
وبين يوم يقبض فيه إلى ربه.
وفي تفسير قوله: (لَقَدْ
تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) سورة الأنعام/ 94، بيان لسبب انقطاعه من الأسباب وسقوطها عن الاستقلال والتأثير، وان السبب في
ذلك انكشاف بطلان المزاعم التي كان الإنسان يلعب بها طول حياته الدنيا. فيتبين
بذلك أن ليس لهذه الأسباب والضمائم في الإنسان من النصيب إلا أوهام ومزاعم يتلهى
ويلعب بها الانسان.
الميزان في تفسير القرآن، الطباطبائي: 7/ 286 ـــ 287، تفسير سورة
الأنعام.