إذن فالتوفي يتم من داخل النفس وليس من
خارجها أو من البدن، فالله سبحانه وتعالى يقول: (إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ
قَرِيبٍ) ([129]) وكذلك
(فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ
الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ
إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ)([130]).
الموت يكشف الحقيقة للإنسان
قلنا أن النفس، لا تفنى بالتوفي، وبما أنها عاشت الدنيا
واستقرت فيها لفترة، ومرّت بحالة الغرور الدنيوي وتعودت عليه، فإن ((الوفاة
ستكشف للنفس، بطلان كل ما كان في الدنيا، من تصورات وأوهام، وبانكشاف الأسباب
الظاهرية للأمور، ستتحول كل التطلعات والطموحات الدنيوية إلى سراب([131])،
فالله سبحانه وتعالى يقول:
[131]
السراب: الذي يكون نصف النهار
لاطئا بالأرض، لاصقا بها، كأنه ماء جار.
السراب: الذي يجري على وجه الأرض كأنه الماء، وهو يكون
نصف النهار.
لسان العرب، ابن منظور :1/ 465، مادة «سرب».
قال الطريحي في قوله تعالى: (كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ ) سورة النور/ 39، السراب: ما يرى في شدة
الحر كالماء، ويقال: السراب ما رأيته في أول الشمس يسرب كالماء ونصف النهار.