إن كل ما قلناه عن شهادة
الشهداء (الشهود) يمكن إثباته بالبرهان([873])،
ذلك أن كل علاقة تتولد بين الأشياء والأعمال، سيتولد مثلها بين الشيء وذات الفاعل.
لأن وجود الأعمال قائم بذواتها. إذن فبقاء الذات، سيبقى ما يصدر عنها. وببقاء ما
يصدر عنها، ستدوم العلاقة المتولدة بينها وبين الأشياء. وببقاء هذه العلاقة، ستبقى
الأشياء أيضاً، لأن العلاقة، وجود رابط، لا يتحقق إلا بوجود طرفين.
من جانب
آخر، فإنه بالحياة ستحيا جميع الذوات (الأعمال والعلاقات والأشياء). وبحضورها أمام
الله تعالى، بشكل كامل وبتمام الذوات([874])،
ستشهد بكل ما لديها.
البرهان: هو القياس المؤلف من اليقينيات سواء كانت
ابتداء وهي الضروريات، أو بواسطة وهي النظريات.
يقال على الاستدلال من العلة إلى المعلول برهان لمي، ومن
المعلول إلى العلة برهان إنّي.
التعريفات، الجرجاني: 31، باب الباء، البرهان.
قال جميل صليبا، البرهان: الحد الأوسط في هذا القياس لا
بد من أن يكون علة نسبة الأكبر إلى الأصغر. فإذا أعطاك علة اجتماع طرفي النتيجة في
الذهن فقد سمي برهان الإن، وإذا أعطاك علة اجتماع طرفي النتيجة في الذهن والوجود
معا سمي برهان اللم.
المعجم الفلسفي، صليبا: 1/ 206، باب الباء، البرهان.
قال الطباطبائي في كتابه هذا الذي
بين أيدينا في إثبات الشهادة بالبرهان: أن كل علاقة تتولد بين الأشياء والأعمال،
سيتولد مثلها بين الشيء وذات الفاعل. لأن وجود الأعمال قائم بذواتها. إذن فبقاء
الذات، سيبقى ما يصدر عنها. وببقاء ما يصدر عنها، ستدوم العلاقة المتولدة بينها
وبين الأشياء. وببقاء هذه العلاقة، ستبقى الأشياء أيضاً، لأن العلاقة، وجود رابط،
لا يتحقق إلا بوجود طرفين.
أنظر: الفصل التاسع
الشهداء في يوم البعث، مراتب الشهداء.
[874]
عرفهم من ذات نفسه، كأنه يعني به سريرته المضمرة.
كتاب العين، الفراهيدي: 8/ 208، مادة «ذو».
ذات الشيء: نفسه وحقيقته.
مجمع البحرين، الطريحي: 2/ 108، مادة «ذو، ذات».
قال الحسيني في الذات: يطلق على مجموع المقومات التي تحدد مفهوم الشيء،
وهو ما يخص الشيء ويميزه.