وعلى أساس ما قلناه سابقاً حول معنى الشهيد، يتضح لنا أن
هذا المقام (الشهادة) لا يمنح لكل أفراد أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، بل
إن المقصود بذلك، بعض أفراد الأمة، رغم أن ظاهر الآية، يخاطب كل أفرادها. ولعل
السبب هو أن هذه المجموعة الخاصة تنبثق من هذه الأمة.
هذا الأسلوب في الحديث، أمر طبيعي ومتداول، فالله تعالى
يقول في آية أخرى:
(مُحَمَّدٌ
رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ
بَيْنَهُمْ) ([780])
إلا أن وصف الأشداء
لا يشمل كل من هو مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، رغم أن ظاهر الآية هكذا.
إذ من
المؤكد أن المقصود بذلك، بعض أتباع النبي، خاصة وأن هناك إجماع بأن بعض الذين
كانوا مع النبي، هم من المنافقين والفاسقين، ولا يمكن لصفة الأشداء
أن تنطبق عليهم. وهناك حالات مشابهة عديدة، يوجه فيها الخطاب إلى العموم بينما
المقصود، هو
[778]
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ
أَنْفُسِهِمْ) سورة النحل / 89،
وهم الأنبياء شهداء على أممهم يوم القيامة. في كل زمان شهيد وإن لم يكن نبيا.
وفي كلمة شهيد قولان:
أحدهما ــ أنهم أئمة الهدى الذين هم خلفاء الأنبياء.
الثاني ــ أنهم العلماء الذين حفظ الله بهم شرائع
أنبيائه.