نام کتاب : دلالة الصورة الحسية في الشعر الحسيني نویسنده : صباح عباس عنوز جلد : 1 صفحه : 66
سبحانه، إني لم أخرج
أشرا ولا بطرا ومفسدا ولا ظالما انما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي محمد صلى الله
عليه واله وسلم([153])، ويقيناً ان الله تعالى قد أحبه فجعل ذكراه
مقدسة في النفوس الصافية وقاهرة لمن لا يريد للحقيقة ان تبزغ من سماء مكانتها
السامية، لانه مثّل موقف الحق اذ يقول فاني لا ارى الموت الاسعادة، والحياة
مع الظالمين الا برما([154])، ولهذا انتصر الشعر للحقيقة فامتدت القصيدة
الحسينية امتداداً طويلاً في نسيج الزمن وكأنها أرادت ان تبقى أزلية هي الأخرى، منذ
عصر (المخبآت) حين أودع محبو الحسين (عليه السلام) قصائدهم في حنايا الزمن فحافظ
عليها من الضياع، يوم شعر التوابون بفداحة أمر استشهاد الإمام الحسين (عليه
السلام) وآل بيته الأطهار وصحبه الأبرار، حين ألْجِمَت أفواه القصائد بالسكوت ورعب
الخوف الأموي – أقول – بقيت هذه القصائد تسري في عروق الزمن وتتفرع في دروبه وتزهر
في محطاته، فكانت تنساب إلينا حزناً شفيفاً كأنه خيط متصل يلم حلقات الازمان
المتعاقبة، وكلما لامست تلك القصيدة بيئة خالية من عيون الشيطان، ومن سوط الظلم
والغرور السلطوي، كلما نمت وأورقت فأزهرت ثمار الإبداع، وهذا ديدنها في كل عصر
ومصر.
لذلك أعد القصيدة الحسينية عمراً مكتنزاً
بالخبرة والدربة الفنية والمران اللغوي، وعمق البناء الفني واتساع التجربة، والغريب
ان فنية هذه القصيدة تتسامى نمواً وتزاد تجديداً عند كلّ جيل يلحق بأخيه السابق، فأصبحت
ملامح هذه الصورة الحسينية ذات سمة خاصة بها لا تغادر بناءها المعماري، ولاسيما في
انساقها المختلفة، ومن تلك الصور الصورة الحسية الحسينية التي تميزت بالنضوج
والتنوع على وفق صيرورة التجارب الشعرية ومسايرتها للإبداع الشعري.
والمتأمل في الشعر العربي الذي قيل في الإمام
الحسين (عليه السلام) وآل بيته الكرام، يراه يتسم بطاقة ايحائية تمكّن المتلقي من
الانشداد مع الفكرة، وتثير فيه لحظة زمنية تنتقل خلالها الفكرة والعاطفة بقوّة
فائقة وقادرة على اشعار المتلقي بالاستمتاع والارتياح من جانب فنية الصورة، ومن
الجانب الفكري فأنها تجرّ المتلقي إليها من خلال التفاعل والانفعال مع ما مرّ بآل
البيت (عليهم السلام) من غصص، فأخذت القصيدة الحسينية مدى واسعاً فالشعراء
الذين وقفوا على مصرع الحسين (عليه السلام)، والشعراء الذين ندبوه وثاروا من أجله،
والشعراء الذين وقفوا بين يدي الأئمة (عليهم السلام) كان لهم جميعاً فضل