نام کتاب : دلالة الصورة الحسية في الشعر الحسيني نویسنده : صباح عباس عنوز جلد : 1 صفحه : 6
حتى جاء
دور الصورة المرئية, فكانت عبادة الاصنام والاوثان تلبي حاجاتهم الحسية، اذ عُبدت
الشمس والقمر والنجوم، وتطور الأمر إلى عبادة الصورة المتخيلة كالجن والملائكة([2])، فأعطوا كل رمز لما يقابله, ظناً منهم أن هذه الرموز تمثل المفاهيم التي
ارتضوها تعبيراً حسياً لهم، فتغلغلت الصورة الحسية بنسيج تصورهم، وهذا يفسر كون المعاجز
الإلهية الموجهة إليهم وقتية حسية، اي مراعاة لمقتضى حالهم، ثم شاعت فكرة الرمز في
صور المعبودات, فعبدوا الشجرة وكانت رمزاً لتقديس الحياة، وعبدوا هبل وهو رمز
لتقديس الشمس، وعبدوا ود وهو رمز لتقديس الرجل، وعبدوا سواع وهو رمز لتقديس المرأة([3])،ثم تخيلوا الزهرة
حسناء تنزل الى الأرض لغواية هاروت وماروت([4])،وتصوروا الثريا بقرة أثيرية،
ورأوا مناة والعزى إنسيات لأب اله([5]).
وهكذا كانت
الصورة شيئاً ملتصقاً بمعتقداتهم وفطرتهم, اذ انبثقت من وجدانهم وكانت انطلاقتها
حسية، لبت حاجة الاقناع لانفسهم التواقة الى فهم الاشياء حسيا،فكانت مراميهم لا
تتعدى الاشياء الحسية لانها اقرب الى فهمهم، فلذلك ولأهمية الصورة انتبه الشعراء
إلى السماء ورموزها فصوروها([6]).
فالصورة
أخذت مأخذاً في تفكير الإنسان منذ القدم بسبب الانفعال الوجداني المنبثق من أعماق
البشر، وتطورت على وفق تطور الرؤيا الحسية والعقلية لديه، ومما يؤكد ذلك ان
المسلمين حينما دخلوا الكعبة بعد الفتح وجدوا صور ابراهيم واسماعيل (عليهما
السلام) وبعدهما الازلام، فقال الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم):
قاتلهم
الله، والله لقد علموا انهما لم يستقيما بهما فأمر بطلس الصور([7]).
ولما كان الشعر العربي يقدّم الأغراض مصورة بهدف التأثير في المتلقي، فقد التفت
العرب القدامى قبل الاسلام وفي أثنائه إلى جمال الشعر من خلال الصورة, ولاسيما
الحسية التي كانت تتناسب مع رؤاهم المستقاة من البيئة، مع أن نفراً من المسلمين تحرج
من قبول تلك النظرة لرؤيتهم ارتباط الشعر بالرائي من