نام کتاب : دلالة الصورة الحسية في الشعر الحسيني نویسنده : صباح عباس عنوز جلد : 1 صفحه : 15
وكان هذا الأمر مدعاة ليس لظهور التوابين، وانما
لثورات أخرى معارضة للنظام الاموي مثل، ثورة المدينة المنورة، وثورة المختار ضد
عبيد الله بن زياد، وثورة مطرف بن المغيرة وهو من رجال الحكم الأموي وقد ثار ضد
الحكم أنذاك، وكان حينها والياً على المدائن، وكذلك ثورة عبد الرحمن بن محمد بن
الاشعث وكانت ضد الحجاج وبني امية، وثورة زيد بن علي (عليه السلام)، فكانت قضية
الحسين (عليه السلام) قد أسقطت حكم بني أمية. ورسمت طريقاً جريئاً للرافضين لحكمهم
مهما كانت الدوافع والغايات التي انبثقت منها الثورات، فضلا عن ذلك فقد ظل مسار
ضيائها متصلا عبر الازمنة وبقيت اشعته تومض حين تدلهم حياة الناس، وتلبد سماءهم
غيوم الظلم، فمن سلك اثارها حطم قيود البؤس والطغاة، لذلك استشهد بها رجال من
العالم على اختلاف مللهم وعقائدهم وأجناسهم مثل غاندي، وماوسيتونج وأضرابهم، فضلا
عن شعراء عالميين تُيّموا بقضية الحسين (عليه السلام) مثل جوته الالماني او بوشكين
الروسي او غيرهم.
وعودا على بدء فقد كثر الشعر الحسيني في
الحقب الزمنية المتتالية منذ استشهاد الامام الحسين(عليه السلام) حتى وقتنا الحالي،
وأخذ يظهر شاعر حسيني مميز في هذا المجال في كل عصر، وقد جاءت تجارب شعرية كبيرة
امتداداً لهذا النمط من الشعر العربي الذي اصبح أكثر خلوداً في النفس، لتعاون
الوجدان اليقيني المصدّق لاحقية ثورة الحسين (عليه السلام) مع الشعور بالاسى لما
مرّ به آل المصطفى (صلوات الله وسلامه عليهم). فكانت ثنائية حق اهل البيت (عليه
السلام)وحزن الشاعر على ما مر بهم هي التي ترسم خطين متوازيين في قصديّة
النص الشعري الحسيني، فجاء الكميت بن زيد الأسدي الكوفي (ت:126هـ) قمة شعرية
عالية في هذا الجانب، ويحق لتاريخ العرب الادبي أن يفخر به كونه واحداً من صناع
المجد الشعري العربي، وممن امتازوا بصدق الموقف وانتصاره للحق، فأخذت قضية الحسين
(عليه السلام) جزءاً مهماً من شعره.
ففي ديوانه (الهاشميات)([38]) جاءت
قصيدته اللّامية مثالاً حياً على ذلك.