والثاني: قوله
لمروان بن الحكم وهو يطلب البيعة أيضاً ليزيد، قال الإمام الحسين (عليه السلام) له
بعد أن أدرك أن هذا الرجل لا يفقه خط الحسين (عليه السلام):
إنا لله
وإنا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام، إذ قد بُليت الأمة براعٍ مثل يزيد ولقد
سمعتُ جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إن الخلافةَ محرّمةٌ على آل
أبي سفيان([28]).
والثالث: قوله
لأخيه محمد بن الحنفية:
لو لم
يَكُنَّ في الدنيا ملجأ ولا مأوى، لما بايْعت يزيد بن معاوية([29]).
فهذه
الأقوال تؤكد أن فاجعةً ستحدث، وأن الحق سيتكلم على قلة أهله؛ لأن الحسين (عليه
السلام) لم ولن ولا يبايع بحسب مكونات شخصيته التي نهلت من فيض النبوة، فضلاً عن
ذلك فقد أظهرت هذه الأقوال يزيداً متمثلاً بالفسق، وهو في منظور الامام الحسين
(عليه السلام) لا يصلح لقيادة الامة الإسلامية، وأن بيعة مثل بيعة الحسين (عليه السلام)
له ستهبه حصانة للتمادي والعبث بقيم الاسلام، لهذا كان الموقفُ الشعري راصداً
بقوّة هذه الخصيصة وهذا الالق الروحي، والشموخ الهاشمي، والأنفة المحمدية، يوم رفض
الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) الدنيا وما فيها من اجل اعلاء راية
الاسلام، فجاء الحسين (عليه السلام) ليرفض الحياة في الذل، فكانت مقولته التي عبرت
الفضاءات إلى أرجاع المعمورة «هيهات منا الذلة» جبال الكبرياء للرافضين الذل والخنوع.
ومن اجل ان يحيى الاسلام وهب العزيز والنفيس له، فقال:
«ان لم يستقم
دين محمد الا بقتلي فيا سيوف خذيني».
وبذلك كان
الشعور الحي ينفلت من افواه القوافي معلناً صدق اليقين النابض بالحيوية تجاه هذا
الموقف السامي، فرصدت القصائد العنف الجاهلي الانتقامي ومظاهر الحقد والتشفي بأهل
البيت (عليهم السلام) في واقعة الطف الرهيبة، وأظهرت شموخ أهل البيت وسجاياهم
الكريمة ومظلوميتهم، فأثّر ذلك