لعل الصفة المميزة لديوي هي محاولته استعمال منهج العلوم في التفكير في القيم الاخلاقية والسياسية والجمالية وغيرها تفكيراً قد ينتهي الى تغييرها تغييراً يناسب ظروف الحياة الحاضرة او بعبارة اخرى اتخاذه من الفكر ذريعة للعمل على نحو يحقق للإنسان ما يبتغيه في مجتمع صناعي برجماتي من اول نشاته، إذ انه تأثر في أول مراحله بالفلسفة الهيجلية ثم اتخذ لنفسه اسلوباً خاصاً (البرجماتية) بقية حياته، اذ تعد الاعوام العشرة الممتدة من 1894- 1904م هي التي شكلته من الوجهة الفلسفية تشكيلاً حاسماً.([130])

والقيم في ضوء الفلسفة البرجماتية امر نسبي تتوقف على الظروف والافراد وخبراتهم، في الحكم على القيم لا يختلف عن الحكم على اي شي اخر من حيث اعتماده على الحقائق، وبما ان الحقائق امر نسبي وتختلف من ظرف لاخر او من خبرة لاخرى، فعليه القيم امر نسبي ايضاً، فالقيم لديهم تخضع للتجربة التي من خلالها يتم الاختيار، ونتيجة لذلك فان احكام الناس ونظراتهم ورغباتهم الى القيم متغيرة، فالقيم ذاتية وليست موضوعية، فقيمة اي شي تكمن في ما يقدمه من منفعة او ما يشبع من حاجة ملحة.([131])

وبما إن الفلسفة البرجماتية لا تؤمن بوجود قيم مطلقة، فانها لا تؤمن بقيم الحق والخير والجمال، ويعتقد اصحابها ان هذه القيم من صنع الإنسان وهو الذي يخلق قيمه الخاصة وان هذه القيم تتغير بتغير الزمان والمكان، فالإنسان هو الذي يخلق الجمال من خلال التجربة. ([132])

[130]. عسكر، علاء صاحب: المصدر السابق، ص147.

[131]. الحياري، حسن احمد: أسرار الوجود وانعكاساتها التربوية ، اربد، دار الأمل، 1994، ص29.

[132]. حمودة، نبيه محمود: التأصيل الفلسفي للتربية، القاهرة، مطبعة الانجلو المصرية، 1980، ص114-115.