وظل جون فقيراً معدماً، فتلقاه أهل البيت بالحنان والعطف، فقد كانت فيه
ذكريات من صاحب جدهم رأوها جديرة بالوفاء فاحتضنوه وألحقوه بشؤونهم، يقوم على
رعاية بيتهم والعناية بأطفالهم وقضاء حاجات رجالهم.
فلمّا رجع العبد الأسود حراً، انضم باختياره وإرادته إلى أمير المؤمنين عليه
السلام حتى شهادته سنة 40 للهجرة، ثم انتقل إلى الإمام الحسن عليه السلام وكان معه
يخدمه إلى حين شهادته سنة 49 أو 50 للهجرة.
لأن عبارة (شيخ كبير السن) توحي أن عمره لا يقل عن 70 عاماً، وبناءً على
هذه التواريخ يتضح أن جوناً لم يكن حينها شيخاً كبير السن كما وصفوه، بل يكون حدود
عمره الشريف بين 50 - 60 سنة والله العالم، وبدليل آخر - كما سيأتي تفصيل ذلك -
أنه كان معروفاً بإصلاح السيوف حينها، وهذا العمل يتطلب قوة جسدية لا يمتلكها من
كان كبير السن.
الادخار الإلهي
وهنا تبدأ القلوب بالخفقان واللسان بالسؤال، لماذا اشتراه أمير المؤمنين
ووهبه لأبي ذر؟
فأمير المؤمنين كما ادخر الأحرار وأصحاب الأرواح
[21] - روضة الواعظين: ص 284، تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 172.