نام کتاب : الإمام الحسين بن علي في الشعر العراقي الحديث نویسنده : علي حسين يوسف جلد : 1 صفحه : 73
وعفَّرت خدي بحيث استرا
ح خدّ تفرَّى ولم يضرعِ
فإنَّ هذه الصورة قد وردت في الشعر القديم، فمما يشبه هذا القول قول الشريف
الرضي([146]):
(من الطويل)
شممت بنجدٍ شيحةً حاجريةً
فأمطرتها دمعي وأفرشتها خدي
واستناداً إلى ما تقدم يمكن القول بأنَّ مراثي الإمام الحسين (عليه السلام)
عند الشعراء المجددين، كانت أدباً ملتزماً([147])،
فقد تبنت قضايا الجماهير، وعبَّرت عن همومها، فإذا كان الالتزام مرتبطاً
بالعقيدة منبثقاً عنها من شدة الإيمان بها([148])،
فإنَّ القضية التي آمن بها هؤلاء، قضية الشعب، فإنَّ شعراء النصف الأول من القرن
العشرين كانوا على وعي بأنَّ الأدب قادر على تحريك الطاقات الكامنة في الجماهير،
ومن ثمَّ فإنَّ الالتزام عند هؤلاء يعني المشاركة في القضايا السياسية
والاجتماعية ([149])
إدراكاً منهم بالمسؤولية تجاه الجماهير، فجاءت مراثيهم مزيجاً من الرثاء، واستنهاض
الجماهير، وزرع الثقة في النفوس بربط الماضي بالحاضر لإضفاء
[147]الأدب الملتزم كان مدعاة أخذ ورد بين
فريقين، الأول يرى أنَّ الالتزام مناقض للحرية التي هي شرط من شروط الإبداع، فيما
يرى الفريق الثاني بأنَّ الأدب تعبير عن معاناة الإنسان، ولا يوجد أدب غير ملتزم،
ويرى أنصار هذا الفريق أنَّ الفريق الأول لم يفرق بين الإلزام والالتزام. ينظر:
المعجم المفصل في اللغة والأدب: 1 / 206 – 207.