ويلاحظ على المراثي التي أعقبت استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) أنَّها
في الغالب كانت مقطوعات، أو قصائد قصيرة، من دون مقدمات، وهي ظاهرة طبيعية في وقت
كانت عيون السلطة الأموية ترقب كلَّ من تشك في ولائه لها، فربما كان خوف الشعراء
وراء عدم إطالتهم القصائد، ثمَّ إنَّ تلك المراثي كانت استجابة انفعالية تعبر عن
لحظات الحزن في نفوس أشجاها الأسى لما حصل لآل البيت النبوي، وألهبتها ثورة الرفض
والاستنكار للفعل الشنيع الذي ارتكبته حكومة يزيد([41])،
فإنَّ تلك المراثي كانت استجابة للحظتها الراهنة، فهي إما أن تكون صادرة عن موالٍ
محب، أو قريب مفجوع من أهل البيت، فالوقت الذي أعقب الفاجعة، ليس وقت إطالة وتكلف،
ولا هو وقت تفنن وتزويق، فالنفوس حزينة، والعبرات حرّى.
ويمكن أن يكون الإطار العقائدي لمأساة كربلاء، الذي لم يتبلور بعد في تلك
الحقبة سبباً في عدم وجود قصائد مكتملة كما آل إليه حال المراثي فيما بعد.
ومن الخير أن لا نستبعد فقدان قصائد كاملة ربما قيلت في تلك الحقبة، كما
فقد