لا نؤرّخ للتاريخ

من العسير جدّاً أن نؤرّخ للتاريخ، أي أن نكتب لمجرّد التاريخ فقط، ومعنى هذا أنّ هواجس الباحث، فضلاً عن القارئ، تتجاذب الحدث لتقرأه قراءة أخرى غير ما يقرأه الآخرون، أي إنّ القراءات التاريخيّة تتعدّد بتعدّد القارئ للحدث التاريخي؛ ذلك لكون القراءة تخضع لظروف عدّة، منها الثقافة الفرديّة للقارئ، ومن ثمّ ثقافة العقل الجمعي الذي تتحكّم بثقافة العقل الفردي، فضلاً عن التوجّهات السياسيّة التي قد تتحكّم في نظرة القارئ للحدث، إضافة إلى العوامل النفسيّة التي تكون بمجموعها قوّةً ضاغطة للرؤية الفرديّة التي يمتلكها القارئ فيما بعد.

إذن لا يمكن أن نؤرّخ للتاريخ ما لم نؤرّخ لقراءات عدّة هي في حقيقتها محصّلة للثقافة الإنسانيّة التي تقرّر الحدث.

وفي تاريخنا لهذه اللُّمة من الشهداء لا يمكننا أن نتعامل مع هذه المواقف تعامل ناقلٍ للنصّ دون أن نستوقف النصوص ونستنطقها لنقرأها مرّةً بعد أخرى فتقدّم إلينا ما وراء الحدث من قراءة جديدة ورؤية تُسهم في استشراف الواقع التاريخي