responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث لفظية قرآنية نویسنده : عبد الرحمن العقيلي    جلد : 1  صفحه : 15


النبي موسى عليه السلام في القرآن عبور موسى عليه السلام والكشف الأثري

هناك سؤال لم يشر إليه من طالعت رأيهم ممن كتب في قصة موسى عليه السلام في القرآن وهو:

من أي مدينة خرج موسى وبنو إسرائيل وأين كان هذا الذي قصه القرآن من التقتيل والاستحياء؟!

فأنت تجد أن المفسرين يكررون جملة معهودة وهي (إن موسى وبني إسرائيل خرجوا من مصر ووصلوا خليج السويس...الخ) وهذا كلام من لم يعطِ أهمية للمكان الذي خرج منه موسى وأتباعه! وكأنهم فرغوا من كون مصر الفراعنة هي منطقة الأهرام التي يشاهدها من يصل لمدينة الفسطاط القديمة،والتي يراها اغلب من يزور مصر دون أن يتوغل فيها إلى الجنوب, ولكن الذي كشفه علماء الآثار بعد ذلك من كون مصر الفرعونية كانت تنقسم لمصر العليا وهي جنوب مصر ومصر السفلى وهي شمال مصر ولكل واحدة عاصمة وحضارة عريقة ثم اتحدتا في دولة واحدة، يقلب هذه الأفهام رأساً على عقب!.

والغريب أن المؤرخين (كما لم يتطرقوا لمكان مدينة موسى) لم يشكّوا يوما في كون البحر الذي عبره موسى وبني إسرائيل هو (خليج السويس)، وهذا من الأخطاء الشائعة والتي لا مبرر لها! وحتى المصادر النصرانية واليهودية وهي التي تعنى بالخصوص بهذه الوقائع لعلاقتها بعقيدتها لم تستطع تحديد مواقع المدن التي ذكرت في نصوص التوراة إذ يقول مؤلفو قاموس الكتاب المقدس ([8]):

(اختلف العلماء في موضع العبور، والحق أن تعيينه بالدقة ليس من الأمور اليسيرة. فالمعجزات التي جرت على يد موسى تمت في صوعن أي تأنيس (مز 78: 12). وكانت رعمسيس ضاحية لهذه العاصمة. ومنها ارتحل بنو إسرائيل إلى سكوت (خر 12: 37) وهي تل المسخوطة في وادي طميلات، وتبعد 32 ميلا جنوب شرق تانيس و11 ميلا غرب الإسماعيلية. فهم لم يتخذوا اقصر الطرق إلى فلسطين، بل رحلوا عن طريق البرية بالقرب من البحر الأحمر (خر 13: 17 و18). وضربوا خيامهم لأول مرة بعد مغادرة سكوت في إيثام . ولم يمكن تعيين هذا الموقع، على أنه كان على طرف البرية عند حافة الصحراء (عدد 20). ومن هناك رجعوا وضربوا خيامهم أمام فم الحيروث بين مجدل والبحر أمام بعل صفون (خر 14: 2). وليس من الميسور تحديد هذا الموقع، إلا أن المعروف أنه كان غرب البحر الأحمر. ومن هناك عبروا البحر الأحمر (بحر سوف) إلى برية شور (خر 15: 4 و22). ثم ساروا بمحاذاة البحر الأحمر إلى جبل سيناء (خر 16: 1). ويذهب كثيرون من العلماء إلى أن الخليج كان ممتدا في أيام موسى إلى منطقة البحيرات المرة على هيئة مستنقع. ويقول بعض الباحثين بأن موضع العبور كان بالقرب من مدينة الإسماعيلية الحديثة. ويقول آخرون أنه كان بالقرب من مدينة السويس. ويرى بعضهم أن في اسم جبل عتاقة بالقرب من السويس إشارة إلى عبور البحر.)

فالمدن المهمة التي ذكرتها التوراة إما لم يُعلم موقعها عند علماء النصارى واليهود المحدثين أو اختُلف فيها!.

وبالتدبر في القرآن الكريم قد نجد الحل أمام اعيننا! وليس في التوراة، إذ يقول تعالى عن فرعون وملأه:

{فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرائيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60)} الشعراء 57-60.

فقوله تعالى عن فرعون وملإه فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ قد يحمل المفتاح معه! إذ قال ابو عبيدة* (هو من أشرق: توجه نحو الشرق)([9]) وقال القرطبي([10]) (وقرأ الحسن وعمرو بن ميمون: فاتبعوهم مشرّقين بالتشديد وألف الوصل، أي نحو المشرق، مأخوذ من قولهم: شرّق وغرّب إذا سار نحو المشرق والمغرب) واحتمل الثعلبي هذا المعنى في تفسيره([11]), فقوله سبحانه: (فاتبعوهم مشرقين) قد يفيد أن جيش فرعون تبع موسى وقومه ناحية الشرق! ونحو الشرق يوجد ساحل البحر الأحمر في نقطة من اقرب النقاط قرباً الى مدن وادي النيل، إذ تبعد (273,5) كلم عن طيبة، بينما تبعد نقطة السويس المفترضة للعبور (648,7) كلم وهذه الحسابات تتمحور حول كون مدينة طيبة الشهيرة في ذلك الزمن هي عاصمة فرعون.

والاتجاه نحو البحر الاحمر تفكير منطقي جداً لمن هو في مكانه، فلو افترضنا العكس وأن موسى ذهب باتجاه السويس فسيحتاج لأسابيع للوصول عن طريق السير نحو الشمال قاطعاً الطريق القديم موازياً لنهر النيل، وهنا سوف يكون عُرضة للقبض عليه من قبل حكّام الولايات المصرية، خصوصا وإنه ليس وحده بل معه ستمائة الف إنسان وقطعان كبيرة من المواشي! وهذا الجمع الهائل غير قابل للتخفي كما هو واضح, واذا افترضنا أنه سافر باتجاه الشمال دون المرور بالطريق المعهودة الموازية للنيل وذلك هرباً من حكام الولايات الفرعونية، فهذا شبه مستحيل للصحراء القاحلة المترامية الأطراف وعلى مدى مئات الكيلومترات، إذن فالحل المنطقي إن موسى سيتوجه الى أقرب نقطة للبحر (شرقاً).

وقد يكون ذلك لوجود ميناء هناك ليستعملوه في العبور بالسفن للجانب الثاني من البحر، خصوصا وأن مدينة الغردقة وميناءها الطبيعي تقع اليوم على خط العرض تقريبا مع طيبة وعلى ساحل البحر الابيض وبالتوازي يقع قريبا على الساحل الحجازي ميناء ضباء وجنوبه ميناء ينبع, فمن الممكن ان يكون هناك تواصل بحري بين الميناءين للتجارة، خصوصا مع ما يقوله بعض علماء الألسن من وجود منطقة في الحجاز باسم (لخضم طاوي) تُقرأ بالهيروغليفية (ختم طءوي) ومعناها (قلعة مصر)([12]) مما يدلّل عندهم على وجود مستعمرات مصرية في هذه المنطقة، وهو امر طبيعي جداً بالنسبة للعصور القديمة، مما يمكن معه القول بأن موسى عليه السلام ذهب الى منطقة ميناء معروف كان يستعمل للتواصل بين ساحلي البحر الأحمر الشرقي والغربي. مع العلم أن الاسم التوراتي (مصرايم) والذي يشير الى مصر قد يرتبط بعلاقة ما مع (المصرمة) وهي قرية لها أثر باقٍ في هذه المنطقة من الحجاز.

فلو كان موسى قد خرج باتجاه السويس في الليل لكان فرعون قد وصلهم في مسافة أقرب بكثير من السويس، وذلك قبل وقت المشرق (الّا إذا قلنا بأن فرعون تبعهم عند المشرق فقط بينما لم يذكر سبحانه وقت وصوله اليهم ولحوقه بهم) لذا وجب القول بأن الاتجاه الشرقي الذي اتبعه موسى كان هادفاً للخروج من ارض مصر من أقصر طريق وبأسرع وقت وهذا ما يؤدي اليه الذهاب الى الشرق وليس غيره، وهو تفكير أي شخص مكان موسى.

وبإمكاننا أن نثبت ذلك رياضياً وكالتالي:

معدل سرعة الانسان الماشي هو: 5 كلم / ساعة

ومعدل سرعة الخيل هي: ما بين 58 الى 68 كلم / ساعة

ولمّا كانت المسافة بين طيبة وساحل البحر الأحمر = 273,5 كلم ولكون هذه المسافة لا يمكن قطعها بنفس السرعة، لوجود ستمائة الف انسان يسيرون مما يقلل سرعة المشي، إضافة لوجود المواشي، ومع التعب والإرهاق اللذان يصيبان هذه الجموع مع الوصول لنصف المسافة (على الأقل)، لذا سنفترض ان النصف الأول من المسافة تم قطعه بسرعة (4 كلم /ساعة) والنصف الثاني من المسافة تم قطعه بسرعة (3 كلم / ساعة) فسينتج التالي:

273,5 كلم / 2 = 136,7 كلم نصف المسافة

136,7 كلم / 4 = 34 ساعة وهي مدة قطع النصف الأول من المسافة باتجاه البحر الأحمر مشياً على الأقدام

136,7 كلم / 3 = 45,5 ساعة وهي مدة قطع النصف الثاني من المسافة باتجاه البحر الأحمر مشياً على الأقدام

34 + 45,5 = 79,5 ساعة = 3,3 يوم، تم قطع جميع المسافة بين طيبة والبحر الأحمر مشياً على الأقدام بدون توقّف وهذا الرقم يمثل الحد الأعلى إذا افترضنا أنهم لم يتوقفوا ولا لساعة لغرض الراحة والطعام وغيرها.

اما بالنسبة لفرعون وجيشه:

فبما أن معدل سرعة الخيل = مابين 58 الى 68 ساعة / كلم

وبما أن خيل فرعون كانت تجر العربات فمن الطبيعي ان تكون هناك إعاقة في السرعة، لذا سنفترض ان سرعتها كانت = 55 كلم / ساعة لذا سنقوم بالعملية التالية:

273,7 كلم / 55 (كلم /ساعة) = 4,9 ساعة قطعها جيش فرعون للوصول الى ساحل البحر الاحمر للحاق بموسى وقومه.

من هذه العملية ولكون النص التوراتي يقول بأن الخروج كان بعد منتصف الليل فيمكن ان نقول إن موسى وصل الى ساحل البحر الأحمر عند صباح اليوم الرابع أي بعد ثلاثة ايام وثمان ساعات من خروجه من طيبة.

واما لو افترضنا ما افترضه المفسرون من كون مكان العبور كان خليج السويس فلا نحصل على نتيجة مقنعة:

648,7 / 2 = 324,3 كلم نصف المسافة الى السويس من طيبة (مع اخذ عامل الإزاحة بنظر الاعتبار).

324,3 / 4 = 81 ساعة نصف المسافة الأول

324,3/3 = 108 ساعة نصف المسافة الثاني

81 + 1,8 = 189 ساعة = 7,8 يوما من خروج موسى واصحابه من طيبة الى وصولهم الى السويس

648,7 / 55 = 11,7 ساعة هو الزمن الذي استغرقه فرعون من خروجه من طيبة ليصل الى السويس.

وهذا يجعلنا نقول بأن خروج فرعون اتباعا لموسى كان بعد 7,3 ايام من خروج موسى من طيبة وهو شيء لم نجد له تبريرا ولا أثراً حتى في التوراة، ولو أخذنا بما في التوراة بأن كل من في مصر كان له ميت من الأبكار في ليلة الخروج، فقد يكون هذا باعثاً على الاعتقاد بأن المصريين أخذوا وقتاً للقيام بتأبين الموتى والذين يجب أن تكون أعدادهم هائلة في تلك الليلة، مع اعتناء المصريين بطقوس الدفن بشكل استثنائي وبعدها سيقوم فرعون باللحاق بموسى وهذا قد تطلب ثلاثة أيام،وهذا يرجّح خروج فرعون في اليوم الثالث من خروج موسى وقومه, والله اعلم.

ولو صح هذا لكان هذا كشفاً أثرياً مهما، فمن المعروف أن العديد من البعثات الأثرية المموَلة من المجامع الكنسية الإنجيلية أو العبرية قد جاءت الى خليج السويس وما حاذاه من من البحيرات لغرض العثور على آثار جيش فرعون من عربات حديدية وأسلحة وما شابه لكنها لحد الآن لم تجد شيئاً مما جعل البعض يشكّك في اصل قصة وجود موسى عليه السلام في مصر.

ومن قرائن صحة هذا القول أن الروايات الإسلامية حفظت زيارة موسى عليه السلام لمكّة المكرّمة وحجه وتلبيته فيها، قال الشيخ المجلسي الأول(وفي الصحيح، عن أبان بن عثمان، عن زيد الشحام عمن رواه عن أبي جعفر عليه السلام قال حج موسى بن عمران عليه السلام ومعه سبعون نبيا من بني إسرائيل خطم إبلهم من ليف يلبون وتجيبهم الجبال، وعلى موسى عليه السلام عباءتان قطوانيتان يقول لبيك عبدك ابن عبدك)([13]) ومن المحتمل أن عدم وضوح طريق الهجرة لبني إسرائيل حدث جراء تحريف الوقائع وإخفاء الحقيقة حتى لا يرتبط ذلك بالإسلام ومنطقة ظهوره وقبلته, يقول تعالى:

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} (15) المائدة.

فكثير من الأمور التي أخفاها أهل الكتاب بينها النبي عليه الصلاة والسلام ولكن ليس جميعها فقد يكون هذا الأمر من الأمور التي لم تبيَن لعدم وجود الحاجة الملحّة له ومن كون القرآن أشار إليه بهذه القراء التي مرّت علينا.

ومن غريب الأقوال قول بعض المفسرين أن عبور موسى وقومه كان بين ضفتيّ النيل الشرقية والغربية!! كما قيل (إننا جاوزنا ببني إسرائيل البحر - وهو نهر النيل العظيم أطلق عليه اسم البحر لعظمته - أثناء مواجهتهم للفراعنة، وعندما كانوا تحت ضغط ومطاردة هؤلاء: وجاوزنا ببني إسرائيل البحر إلا أن فرعون وجنوده طاردوا هؤلاء من أجل القضاء على بني إسرائيل: فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا)([14])..

http://1.bp.blogspot.com/-15ZCIi2e1w4/T49Osb1GrOI/AAAAAAAANMs/89GoTZkr36A/s1600/at-016-10.jpgفالمعروف أن المصريين (والآثار تشهد بذلك) لم يكونوا يبنون المدن على الجانب الغربي للنيل, لكونهم يعتقدون بأن الشرق يعني الحياة، والغرب يعني الموت، لذا فإنهم بنوا مدنهم على الضفة الشرقية للنيل دائماً، وبنوا مقابرهم على الضفة الغربية للنيل باستمرار، فليس هناك مكان في الغرب حتى يعبر منه موسى الى الشرق! اضافة لكونه سبحانه يفرق بين (البحر) و(النهر) وهذا جلي في القرآن فكيف يقال عن النهر بأنه بحر؟! فلو قلنا بأن احد العقلاء لا يفرق بين البحر والنهر مع أنه يراهما فهل نسميه عاقلاً؟! فكيف والقائل هو الله؟!


موسى عليه السلام بين القصص وطه والنمل

موسى عليه السلام بين القصص وطه والنمل

الذي يقرأ قصة اصطفاء الله سبحانه لموسى عليه السلام وتكليمه وإرساله الى فرعون وملئه يجد أن عماد القصة موجود في ثلاث سور هي القصص، طه، والنمل ووان تفاصيل القصة وجدت بتفاوت واختلاف بالألفاظ مما جعل بعض القساوسة يطعن بالقرآن عن طريق القول بان الحادثة لو كانت واحدة فكيف اختلفت الألفاظ في نقلها مما يكشف- حسب زعمه- ان النبي محمد صلى الله عليه وآله هو من ألَف القرآن لذا فقد كان ينسى ما ذكره آنفا فيأتي بالقصة كل مرة بألفاظ وتفاصيل تخالف ما ذكر سابقا كما زعم المفتري!

وعند مراجعة كتب التفسير لم أجد من يتطرق لهذا الإشكال- الذي يتراءى لي انه حديث لم يسبق التطرق إليه في الأزمان الماضية ألّا نادرا وبشكل سطحي- وفي مخاطبات لبعض المعاصرين من المفسرين اجمعوا على كون اختلاف القصة بتفاصيلها هو من بلاغة القرآن وأساليبه الشائعة! ولكني لم اجد ولا

نام کتاب : بحوث لفظية قرآنية نویسنده : عبد الرحمن العقيلي    جلد : 1  صفحه : 15
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست