الأرض ومغاربها، إن الله خصّكم بالإسلامِ، واستخلصكم له، وذلك لأنه أمنعُ([948]) سلامة، وأجمعُ كرامة، اصطفى
الله منهجَهُ، ووصفه ووصف أخلاقَهُ، ووصل أطنابَهُ، من ظاهر علم وباطن حلم([949])، ذي حلاوة ومرارة، فمن طهر([950]) باطنُه رأى عجائبَ مناظره في
موارده ومصادره، ومن فطن لما بطن([951]) رأى مكنونَ الفِطَنِ وعجائب
الأمثال والسنن، فظاهره([952]) أنيق، وباطنه عميق، ولا تفنى
غرائبُهُ، ولا تنقضي عجائبه، فيه مفاتيحُ الكلام، ومصابيحُ الظلام، لا تُفتحُ
الخيراتِ إلا بمفاتيحه، ولا تُكشف الظلماتُ إلا بمصابيحه، فيه تفصيل وتوصيل، وبيان
الاسمين الأعلين اللذين جمعا فاجتمعا، لا يصلحان إلا معاً، يسميان فيفترقان، ويوصلان
فيجتمعان، تمامهما في تمام أحدهما، حواليها نجوم، وعلى نجومها نجوم، ليحمى حماه، ويرعى
مرعاه، وفي القرآن تبيانه وحدوده وأركانه، ومواضع مقاديره، ووزنُ ميزانه ميزان
العدل وحكم الفصل، إن رعاةَ الدين فرقوا بين الشك واليقين، وجاؤوا بالحق، بنوا للإسلام
بنياناً فأسسوا له أساساً وأركاناً، وجاؤوا على ذلك شهوداً بعلامات وأمارات فيها
كفى المكتفي وشفاء المستشفي، يحمون حماه، ويرعون مرعاه، ويصونون مصونه، ويفجرون