قالَ [عبد الله بن سنان]: وبكى أبو عبدِ الله عليه السلام حتى اخضَلَّت لحيتُه بدموعِهِ([669])، ثُم قال: إنَّ اللهَ جلَّ ذكرُهُ لمَّا خَلَقَ النورَ خلقَهُ يومَ الجُمُعةِ في تقديرِهِ في أوَّلِ يومٍ من شَهر رمضان، وخَلَقَ الظُّلمةَ في يومِ الأربِعاءِ يومَ عاشوراء في مثلِ ذلكَ - يعني يومَ العاشر من شهرِ المُحَرَّم - في تقديرِهِ، وجِعِلِ لكلٍّ منهما شرعةً ومنهاجاً، يا عبد الله بن سنان: إنَّ أفضلَ ما تأتي بهِ في هذا اليومِ أنْ تعمَدَ إلى ثيابٍ طاهرةٍ فَتَلبِسَها وتَتَسَلَّبَ، قلتُ: وما التَّسَلُّبُ؟ قال: تَحلُلُ إزارَك وتَكشِفُ عن ذراعيك كهيئةِ أصحابِ المَصائبِ، ثُم تخرُجُ إلى أرضٍ مقفرةٍ، أو مكانٍ لا يراكَ بهِ أحدٌ، أو تعمدَ إلى منزلٍ خالٍ، أو في خلوةٍ منذُ حينَ يرتفِعُ النهارُ، فتُصلي أربَعَ رَكَعاتٍ تُحسِنُ رُكوعَهُن وسُجودَهُن، وتسلِّم بينَ كلِّ رَكعتينِ، تقرأ في الرَّكعةِ الأولى سورةَ الحمدِ، و(قل يا أيها الكافرون)، وفي الثانيةِ الحمدَ، و(قل هو الله أحد)، ثُم تُصلِّي رَكعتينِ أُخرَيينِ، تقرأ في الأولى الحمدَ وسورةَ الأحزابِ، وفي الثانيةِ الحمدَ و(إذا جاءك المنافقون) أو ما تَيسَّرَ من القرآنِ.

ثُم تسلِّمُ وتحوِّلُ وجهَكَ نحوَ قبرِ الحُسينِ عليه السلام ومضجَعِهِ،

[669] بمعنى: ابتلت لحيته الشريفة بدموعه.