له هذا الطلب لاستكثرت منه؛ فإني
أدركتُ في هذا المسجد تسعمائة شيخ كلٌّ يقول حدثني جعفر بن محمد)([29])،
فإذا كان (الحسن بن علي الوشاء) لوحده قد سمع (900) شيخ من شيوخ الرواية يحدثون عن
الإمام الصادق عليه السلام في مسجد الكوفة وحده، فما بالك بالآخرين في بلاد الشيعة
المنتشرة الأصقاع والمترامية الأطراف؟! بينما نجد في المدرسة الأخرى أن الذهبي([30])
(ت 748هـ) يذكر أقصى إحصائية حصل عليها في عدد الرواة عن مالك بن أنس (ت179هـ)
قائلاً: (ما علمتُ أحداً من الحُفاظ روى عنه عدد أكثر من مالك، وبلغوا بالمجاهيل
وبالكذابين ألفاً وأربع مئة)([31]) فهم بالمجاهيل والكذابين 1400
في مختلف البلاد!! رغم كل ما وفرته السلطة العباسية لمالك من دعم إعلامي وسياسي
ومادي حتى أن تأليف كتابه (الموطأ) كان بأمر من الحاكم العباسي أبي جعفر المنصور
(ت 158) الذي انتهج سياسة تعميم الفقه المالكي في البلاد الإسلامية وحمل الناس
قسراً على ما يرويه من حديث وما يراه من رأي، فقد روى مالك أن المنصور قال له:
[30] شمس الدين محمد بن أحمد، أبو
عبد الله، الذهبي، الدمشقي (673 - 748)، حافظ مشهور عند أهل الخلاف، يمتلك نزعة
أموية حاقدة على روايات الشيعة وفضائل أهل البيت عليهم السلام، له كتب عديدة في
السيرة والتراجم والتاريخ، منها: (سير أعلام النبلاء)، (تاريخ الإسلام)، (ميزان
الاعتدال) وغيرها.