وربما يعترض معترض على هذا الكلام على اعتبار أن الكليني إنما قصد من شهادته الصحيح بمفهوم القدماء، أما علم الرجال فقد حكم على روايات الكافي من منطلق الفهم المحدث لمصطلح الصحيح، فلا يجوز الخلط بينهما في ميدان المقارنة؛ فإن الكليني لم يقصد صحة أسانيد رواياته وإنما قصد الصحيح المحفوف بالقرائن، وهذا الحكم من قبله مبني على اجتهاده وتوفر القرائن عنده وليس هو أمراً حسياً يمكن البناء عليه، فعلام هذا التهويل؟

نقول في جواب ذلك بعد الاتكال على الله تعالى:

لا يشك احد ان الكليني من أهل الخبرة والاختصاص، وهو ثقة في نفسه، وثبت في نقله، فإذا اجتمعت هذه الصفات جاز لنا أن نحكم باعتبارية أقواله من باب حجية قول أهل الخبرة، وهو الباب نفسه الذي جرى من خلال اعتبار أقول النقاد في علم الرجال كالنجاشي والطوسي والكشي وابن الغضائري، فلماذا نقل قول النقاد ولا نقبل قول الكليني؟ وهو أوثق منهم وأقدم؟ وقد تجمعت عنده من الكتب والأصول ما لم تجتمع - ربما- عند غيره، فمن قال شهادة الكليني اجتهادية، قلنا له إن شهادات النجاشي والطوسي جلها اجتهادية وليست حسية، ومن قال إن اعتبار قول النجاشي