أضف إلى ذلك إن البعض من علماء الرجال وأهل الدراية قد اعتبروا أن رواية
الراوي عن الضعفاء والمجاهيل من علامات ضعفه في الحديث، وقلة ضبطه وتثبته، ومتدني
حاجز الورع عنده في نقل الحديث الصحيح الخالي من الأخطاء والشوائب.
وتأسيساً على ذلك نقول: إذا كانت (رواية الثقات الأثبات) عن راوٍ معين
شاهداً على صحة مروياته فكيف بما يرويه (أوثق الناس وأثبتهم في الحديث)؟! وإذا كان
كثرة الرواية عن الضعفاء والكذابين والمجاهيل من موارد الطعن على الراوي فكيف ندعي
أن (أوثق الناس وأثبتهم في الحديث) يروي ثلثي كتابه عن الضعفاء؟!
ومما يؤكد مقولة (أوثق الناس وأثبتهم في الحديث) أن الشيخ الكليني لم يكن
مستعجلاً لتأليف كتاب الكافي في مدة قصيرة ليباهي به الفقهاء وأهل الحديث في
المجالس ومنتديات العلم وإنما كان متأنياً صبوراً مجاهداً في طلب الحديث ودرايته،
والتريث في أخذه، والالتزام بضبطه؛ لئلاً يكون لأحد ملجئ للطعن أو طريق للتوهين،
ولذلك استمرت عملية تأليف الكتاب وجمعه عشرين سنة، عشرون سنة ليست بالمدة القصيرة
ولا بالوقت القليل بل هي عمر